للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجناية واقفة وسارية إلا نصْف عشر الضَّمان، وهكذا يتفق القولاَنِ إذا اتفَقَ قدْر الضمان على التقديرَيْن كما إذا جنَى خمسةٌ في الرِّقِّ وأرش جناياتهم نصْف القيمة، وخمسة بعد العتْق، فللسيِّد على القولَيْن، الأقلُّ من نصْف الدية ونصْف القيمة.

ولو جَنَى تسعة في الرقِّ وواحدٌ بعد العتق، ومات منهما، فللسيد على القوْل الأول: الأقلُّ من تسعة أعشار الدية، وتسعة أعشار القيمة، وعلى الثاني: الأقلُّ من تسعةِ أعشار الديةِ، وأرش الجنايات، وإنْ كان أرشُ الجناياتِ تسعة أعشار القيمة اتَّفَقَ القوْلاَن، ولو قطع يدَيْ عبْدٍ، فعَتَق، وجرَحَه رجلانِ آخرانِ، ومات مِنَ الجراحات، فعليه الدية أثلاثاً وللسيِّد على القول الأول الأقلُّ من ثلث الدية، وثلث القيمة، وعلى الثاني: الأقلُّ من ثلثِ الدية وكل القيمة، وهو أرش الجناية في المِلْك، ولو كان قد قطع يدَيْه ورجلَيْه، فكذلك الجواب في "التهذيب"، ووَجْهُه أن الأطراف إذا صارَتْ نفْساً، لا تُضْمَن بأكثر من القيمة ولك أن تقول: كما أن الأطْراف لا تُضْمَن بأكثر من القيمة إذا صارت نفساً، فاليد الواحدة لا تُضْمَن بنصف القيمة، إذا صارتْ نفساً فكما أن نصْفَ القيمة يجعل أرْش اليد الواحدة يجوز أن يُجْعَل أرش اليدَيْنِ والرجلَيْنِ قيمتَيْنِ أَخذاً بتقديم عَدَم السِّرَاية.

ولو قطع حرٌّ يَدَ عبدٍ فعَتَقَ، فجاء آخر وحز رقبته، فقد أبطل الحَزَّ السراية، وعلى الأولِ نصْف القيمة للسيِّد، وعلى الثاني القصاصُ أو كمالُ الديةِ للوارث، ولو قطَع حرٌّ يَدَ عبْدٍ فعَتَق، فقطع آخر يده الأخرَى، ثم قُتل حزّاً فإما أن يقتله؛ ثالثٌ أو الأول أو الثاني، فإن قتله ثالثٌ، فقد بطَلت سراية القطعَيْن، وكأنَّهما اندملاَ، فعلى الأَوَّلِ نصْف القيمة للسيد، وعلى الثاني القصاص في الطرف أو نصْف الدية للوارث، وعلى الثالث القصاص في النفس أو كمال الدية، كان قتله الأوَّل، نُظِر؛ إن قتله بعد اندمال قطْعه، فعليه نصف القيمة للسيد، والقصاص في النَّفْس أو كمال الدية للوارث، وعلى الثاني: نصف الدية، وإن قتله قبل الاندمال، فعليه القصاص في النفْس، ثم إن قلْنا بظاهر المَذْهب، وهو أن بَدَلَ الطَّرَفِ يدْخُل في النفْس، فإن اقتص الوارثُ، سقَطَ حقُّ السيد، وان عفا، وجَبَ كمال الدية، وللسيِّد منْها أقلُّ الأمرين من نصْف الدية ونصف القيمة، على أحد القولَيْن، كما سبق، هذا هو الظَّاهر.

وقال القاضي الطبَرِيُّ: عندي يَسْقُط حقُّ السيِّد، كان عما مستحِقُّ القصاص؛ لأنه إذا سَقَط حكْم الطَّرَف، وصار الحُكْم للنفْس، كان المأخوذ بَدَل النفس المفوتة بعد زوال مِلْك السيد، وعلى قول ابن سُرَيْج والإصطخريِّ: أن بَدَل الطَّرَف لا يدْخل في النفس، ويكون للسيد عليه نصف القيمة، وللوارث القصاصُ في النفْس أو كمالُ الدية، كما لو قُتل بعْد الاندمال، كان قتله الثاني، بَطَلت سرايةُ الأول، فعلَى الأول نصْف القيمة للسيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>