مرتَّبان، وهو أولَى بعدم وجوب القصاص، وهو الظاهر؛ لأنَّها مجمع العروق ؤالأعصاب وهي مختلفة الوضع، تسَفُّلاً وتصعُّداً، وقد يؤثر في أوضاعها العبالة والنحافة، فلا يوثق باستيفاء المِثْل بخلاف المارن والأذن، فإنَّهما من جنْسٍ واحدٍ.
هذا حكم القصاص في الشِّجَاج. والقول فيما يجب فيها مِنْ أرْشٍ أو حكومةٍ سيأتي- إن شاء الله تعالى- فى "الديات"، وأما الجراحات على سائر البدن، فما لا قصاص فيه، إذا كان على الرأْس والوجْه، لا قصاصَ فيه إذا كان علَى غيرهما، وأما الموضِّحة التي فيها القصاص، إذا وقَع مثلُها في سائر البدن، كما إذا أوضحت الجراحةُ عظْمَ الصدر أو العنق أو الساعد أو الأصابع، ففي وجوب القصاص وجهان:
أحدهما: لا يجب، كما لا يجب فيه أرْشٌ مقدَّر وهذا؛ لأن الخَطَر في الجراحة على الرأْس والوجْه أعظمُ والشِّيْن الحاصل بهما أقبح.
وأصحُّهما: الوجوب لتيسر استيفاء المثل، وهذا ظاهر النصِّ، ولا يعتبر القصاص بالأَرْش؛ ألا ترى أن الإِصبع الزائدة تقتص بمثْلِها، وليس لها أرْشٌ مُقدَّرٌ، وكذلك الساعدُ بلا كفٍّ وعلى عكسه الجائفة لها أرش مقدَّر، ولا قصاص فيها، وإذا اختصرت، وأجيبت في الجراحات بما هُوَ الظَّاهر، قُلْت: يجب القصاصُ في الجراحة عَلَى أيِّ موْضِعٍ كانَتْ بشرط أن تنتهي إلى العَظْم ولا تكسره، وأما لفظ الكتاب، فقوله:"ففي الموضِّحة التي توضِّح العظْمَ إلى آخره ليس الغرض من قوله: "التي توضِّح العَظْمَ تقييد الموضحة أو وصفها وهي التي كذا وكذا وكذا، الحال فيما ذكر في الآمة" والدامعة وفي الحارصة والدَّامية. وقوله: "مِنَ الهاشِمة للعَظْم أو المنقِّلة أو الآمَّة" لو أدخل فيها "الواو" بدل "أو" لحصل الغَرَض.
وقوله: "أو الدَّامغَةُ الخَارِقَةُ لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغ" يعني لا قصاص في عينها، ويتعلَّق بها قصاص النفْس أو كمال الدية؛ لما ذكرنا أنها منفعة ويجوز أن يُعْلَم قوله: "أو الدامية" بالواو لما حكينا من تردُّد الشيخ أبي محمَّد.
وقوله: "التي تسيل الدم" أيضاً لما مر أنَّهم شرَطُوا في الدامية أَلاَّ يسيلَ الدمُ، وقوله في الباضعة والمتلاحمة "فقولان"، يجوز أن يُعْلَم بالواو؛ للطريقة القاطعة بالمَنْع، والمنزلة للنص على الحَالَتَيْنِ.
وقوله: "فإذَا قطَع نصْفَ لحمه إلى العَظْم، قطَعْنا نصف اللحم إلى العظم" يعني إذا كان [على رأس](١) كل واحد من الشَّاجِّ والمشجوج موضِّحة يتيسَّر معْرفة النسبة