فَرْعٌ عن:"الأم": أنه لو شَقَّ كفَّه حتى انْتَهَى إلى المَفْصِل، ثم قطع من المَفْصِل أو لم يَقْطع اقتص منه، إن قال أهل الخبرة يُمْكِنُ أن يَفْعَلَ به مثْلَه.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما يضمن أجرام الأطْراف والأعضاء بالقصاص يضمن قيمة منافِعِها في الجملة، وكيف لا وهي المقصودةُ، وفيها الفائِدَةُ، وقد يكون الجُرْم المعطِّل كَلاًّ على صاحبه، ثم المعاني لا تباشر بالتفويت، وإنما تفوت تبعاً لِمَحَالِّهَا، وقد تَرِدُ الجناية على غير محلِّها، وتفوت هي بالسراية لارْتِبَاطِ بينهما، وبين مورد الجناية، ونَتَدرَّج بهذه المقدِّمة إلى الكلام في مسألتين.
إحداهما: لو أوضَحَ رأسَه، فذهب ضوء عينَيْه فالنصُّ أنه يجب القصاص في الضَّوْء، كما يجب في الموضِّحة، ونَصَّ فيما إذا قطَع أصبعه، فسَرَى إلى الكفِّ إلى إلى أصبع أخرَى بتآكُلِ، أو بشلل؛ أنه لا يجب القصاص في محلِّ السراية، والفرق أن الأجسام تُنَالُ بالجناية، والجناية على غيرها لا تُعَدُّ قصداً إلى تفويتها وضوء البَصَر ونحوه من اللطائف لا يباشر بالجناية، فطريق تفويته بالجناية على محلِّه أو على ما يجاوره، ويتعلَّق به، ويضمن القصاص، كالنفْسِ، فهذه الطريقةُ هي ظاهِرُ المذهب، ووراءها طريقتان:
إحداهما: عَن رِوَايَةِ الشيخ أبي عليٍّ وغيره: أن فيهما قولَيْن بالنَّقْل والتخريج.
أحدهما: أنه لا قِصَاص فيهما بالسراية؛ لأنه لا يَقْصِد تفويت جسم بالجناية على غيره، ولا تفويت الضوء بالجناية على غير الحَدَقة، فإذا حصَل بفعْله، كان الشخص كالمُخْطِئ فيه.
والثاني: يجب لتولُّد الفوات من جناية تعمُّدها، ولذلك لو تولَّد الزهوق من قطْع الأنملة، وجب القصاص، كان كان لا يَقْصِد به الزهوق غالباً؛ لأنه لا يُفْضِي إليه غالباً،