للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: إذا اشترك جماعةٌ في موَضِّحَة؛ بأن تحاملوا على الآلة وأجْرَوْها معاً، ففيه احتمالان للإمام:

أحدهما: أنه يوزَّع عليهم القصاص، ويُوضَحُ كلُّ منهم قدْرَ حصته؛ لأن الموضِّحة قابلةٌ للتجزئة، والقصاص جازٍ في أجزائها فصار كما لو أتلفوا مالاً، يوزَّع عليهم الغرم، وعلى هذا، فتعيين الموضح إلى اختيار المقتصِّ أو المقتص منه وجهان:

والثاني: أنه يُوضَح من كل واحدٍ منهم مثْلُ تلْكَ الموضِّحة؛ لأنه لا جزء إلاَّ وكُلُّ واحدٍ منْهم جانٍ عليه، فأشبه ما إذا اشتركوا في قَطْع يدٍ، وهذا ما أجاب به صاحب (١) "التهذيب" ويجري الاحتمالان فيما إذا آل الأمرُ إلى المال؛ أنه يجبُ الأرْشُ مَوَزَّعاً عليهم أو يجِبُ على كلِّ واحدٍ منهم أرْش كاملٌ، قال الإِمام: والثاَني أقربُ، والأول هو المذكور في "التهذيب" وقوله في الكتاب: "لا في عِوَضِها" مُعْلَم بالواو وقوله "بل ضممنا إليه الأرش" بالحاء.

وقوله: " كمَّلْنا بما حَوَالَيْه" بالواو، لما بيَّنا، وليس المراد من قوله: "ضممنا إليه الأرشَ" الكاملَ بل قسْطاً من الأرش على ما قدَّمنا، وقد يُفْهَم ظاهر اللفظ خلافُه.

وقوله: "لشمول اسم الرأس" يعني أن اسم الرأْس يقع على الناصية وغيرها، فالكل عضوٌ واحدٌ، وفي بعض النسخ "لشمولِ اسْم الموضِّحةَ في الرأس" وقد يوجد في النسخ اسم الموضحة ولا وجه له.

واعلم أن ما ذكرنا أنه يُخْلَقُ شعْر رأْس الشاجِّ، إذا أُريدَ الاقتصاصُ مفروضٌ فيما إذا كان على رأْس كلِّ واحدٍ منهما شَعَر، أمَّا إذا لم يَكُنْ على رأس الشاجِّ شَعْر فلا حلْقَ، وإن لم يكنْ على رأْسِ المشْجُوج شعْر، فلا يُمْكُنُ القصاص؛ لما فيه من إتْلاف الشعْر الذي لم يتلفه، وحكي ذلك عن نصه -رضي الله عنه- في "الأمِّ" ولا يؤثِّر التفاوُت في خِفَّة الشعْر وكثافته.

وأنه إذا شكَّ في أنه هل أوضَح بالشَّجَّة أم لا، لم يقتصَّ بالشك، ويتفحص عن الحال بالمسمار حتى يعرف، فيَشْهَدَ به شاهدان أو يعترف به الجاني، فإنَّ حكم الإيضاح يتعلَّق بالإنهاء إلى العظْم حتى لو غرز إبرةً حتى انتهتْ إلى العَظْم، كان ما أتى به موضِّحةً، وإن كان لا يظهر العَظْمُ للنَّاظِرِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: التَّفَاوْتُ الثَّانِي فِي الصِّفَاتِ وَلاَ تُقْطَعُ اليَدُ الصَّحِيحَة بِالشَّلاَّءِ، وَتُقْطَعُ


(١) فيه إشعار بترجيح الثاني وجرى عليه في المحرر فقال: إنه أورد الوجهين وهو المنقول عن الماوردى والغزالي وصاحب البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>