للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِمام عن المحقِّقين أن علَيْه قِصاصَ النفْسِ، ولم يستبعد خلافه؛ لأن اختلاف العلماءِ في وجُوب القصاص يجوز أن يصير شبهة دارئة للقصاص، ثم هي، وان كانت مستحقَّة القطع، فليس للجاني أن يَقُول: أبينوا أذنه ثم أبينوا أُذُنِي، فإن مِنْ قِبَلِ الأمر بالمعروف، لا اختصاص له به، والنظر. في مثله إلى الأمام، ولو اقتص المجنيُّ عليه، فألصق الجاني أذُنَه، فالقصاص حاصلٌ بالأبانة، وقَطْع ما أُلْصِقَ بعد الإبانة، لا يختص به المجنيُّ عليه، ولو قطع بعْض إذنه، ولم يُبِنْ، ففي القصاص في ذلك القَدْر خلافٌ سبق، وذلك إذا بقي غيْر ملتصق، أما لو ألصقه المجنيُّ عليه، فالتصق، سقَطَ القصاصُ والديةُ عن الجاني، ورجع الأمر إلى الحكومة كالإفضاء، إذا اندمل، تسقُطُ الدية، ولذلك نقول: لو جاء آخر، وقَطَع الأذن بَعْد الالتصاق، يلزمه القصاصُ أو الديةُ الكاملةُ، هذا أصحُّ الوجهين والمحكيُّ عن النص.

والثاني: عن صاحب "التقريب" أنه لا يسقط القصاص في القَدْر المقطوع، كما لا يَسْقُط قصاص الموضِّحة بالاندمال، ولو وان كان قد أوضَحَ آخَرُ، يلزمه القصاص، ولا يجب قَطْع الملصق قبل تمام الإبانة، هكذا أطلقوه، وهو ظاهِرٌ إن بنينا وجوبَ القطْع على نجاسة المبان بالإبانة، وغير ظاهر، إن بنيناه على ظهور المَوْضِع والدم النجس علَيْه ولو استأصل أذنه، وبقيت متعلِّقة بجلْدة، فلا خلاف في وجوب القَصاص؛ لإمكان رعاية المماثلة، وقد ذكْرنا نحواً مته، لكن لو ألصقَهَا المجنيُّ عليه، فالتصقت، لم يجب قطْعُها، وفي سقوط القصاص عن الجانِي هذا الخلاف، ولو أبان أذنه، فقطع المجنيُّ عليه بعْضَ أذنِه مقتصّاً، فألصقه الجاني، فللمجنيِّ عليه أن يعودَ، فيقْطع؛ لاستحقاقه الإبانَة.

وربط السنِّ المقلوعة في مكانِها وثبوتها كإلصاقِ الأذُن المقطوعة والتصاقها.

المسألة الثانية: في السنِّ القصاصُ، وإنما يجب عند القلْع، فأما إذا كسر سن غيره، فلا قصاص؛ بناءً على الأصْل الذي تقدَّم: أنه لا قصاصَ في كسْر العظام؛ لأنه لا يمكن حفْظ المماثلة فيه؛ ذكره صاحب "التهذيب" وغيره، وحكى القاضِي ابن كج عن نصه -رضي الله عنه- في "الأم": أنه إذا كَسَر بعض سنه، يراجع أهل الخبرة، فإن قالوا: يمكن استيفاء مثله بلا زيادة، ولا صدع في الباقي، اقتص منه، وهذا ما أورده الشيخ أبو إسحاق في "المهذب" (١) وقد يوجه ذلك بأن السِّنَّ عَظْم مشاهدٌ من أكثر


(١) قال في الخادم: ليس فيه تصريح بترجيح لكن جزم في المحرر بما قاله البغوي وتبعه في المنهاج والصواب ما حكاه ابن كج لأنه قول صاحب المذهب وبه جزم الماوردي والمتولي في التتمة وصور بعضهم الإمكان بأن يكون قد كسر نصفها بالطول. انتهى ما أردته منه، وما ذكر أنه قول صاحب المذهب نقله شيخه البلقيني عن نص الأم وساق النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>