المراد المَثْغُور وَغير المثغور، وأن التعرُّض للبالغِ والصبيِّ جَرَى على العادة الغالبة في الحالَتَيْنِ، ويقال: ثَغَرَ الصبيُّ إذا سقطت رواضعه فهو مثغور، فإذا نبتَتْ قيل بالتاء على الادغام بعْد قلب الثاء تاء "وأثغْر" إظهارًا للحرف الأصلي وقوله: "ولو قطع فلقة من طول لسانه". المسألة لا تختصُّ بالفلْقة بل الحُكْم في جميع اللسان كذلك، إلا أنَّ عوْدَ جميع اللسان أبعدُ عن التصوُّر، ففَرَضَ في الفلقة، واتَّبَعَ فيه الإِمام.
وقوله:"وكان قد استوفاه، لزمه الدية" يجوز إعلامه بالواو.
فرُوعٌ: وإن نبتت، قلتَ: أصل المستحبِّ في قصاص الجروح والأطراف التأخيرُ إلى الاندمال واستقرار الجناية، وظاهر المذْهَب أن المستحِقَّ، لو طلب القصاصَ في الحال، يجاب ولا يؤخر إلى الاندمال، والظاهر على ما ذكر صاحب "التَّهذيب" وغيره: أنه لو طالب بالمال، لا يجيبه ويُنْظَر إلى الاندمال، قال: والفرق أن القصاص في تلْك الجراحةِ، وفي ذلك الطَّرَف ثابت للمجنيِّ عليه، وإن سرَتِ الجراحةُ إلى النَّفْس أو شارَكَ غيره في الجُرْح، والمال لا يَتقدَّر، فقد تعود الديتَان فيما إذا قَطَع يديه ورجَلْيه إلى دِيَة واحدةٍ بالسراية، وقد يشاركه واحدٌ أو جمْعٌ، فيقل واجبه، وإذا لم يتيقن قدْر الواجب، لم يؤخذ، وفي كل واحدٍ من القصاص والمال خلافٌ، وفي كيفية الخلاف طرقٌ.
أحدها: أن فيهما جميعاً قولَيْن بالنقل والتخريج، ونَصُّه في القصاص أنَّه يعجِّله وفي المال أن لا يُعجِّل.
أحدهما: أن يُستوفَى ما يطلُبُه المجنيُّ عليه منهما؛ لوجود الجناية الموجِبَة.
والثاني: المنْع إلى أن تستقر الجناية بالاندمال.
والثاني: قَطَع بعضُهم في القَصاص بأنهُ يعجَّل قالُوا: والنص في المال أنه لا يُؤخَذُ قبل الاندمال، ونصَّ فيما إذا جنى السيد على مكاتَبه على أنه يعجِّل الأرش، ليصرفه إلى النُّجُوم، فحصل من النصيْنِ قولانِ في تعجيل المال.
والثالثُ: قطَع آخرونَ بأنَّه يُعجِّل القصاص، ولا يعجل الماء إلا في مسألة المُكَاتَب، والفرْق أن المكاتَبَ يخاف سقُوط المالِ؛ بأن يموت رقيقاً أو يعْجز، والحرُّ لا يخاف سقوطه، وأيضاً فالكتابة موضوعةٌ على تعجيل العتق ما أمكن، وكذلك لو عجَّل المكاتَبُ النجْمَ قبل المحلِّ، يُجْبر السيد على القَبُول، وفي سائر الديون المؤجَّلة تفصيلٌ وخلافٌ، وإذا قلْنا: يعجل المال قَبْلَ الاندمال، ففي قَدْرِهِ وجهان:
أحدهما: وبه قال أبو إسحاق لا يعجِّل إلا ديةَ نفْسٍ؛ لأن احتمالَ السرايةِ قريبٌ ليس بنادرٍ، فبتقدير السراية لا يَجِبُ إلا دية نفْس.
والثاني: تجب أروش الجراحات ودياتُ الأطرافِ، كما كانت؛ لأن أسبابها