حاصلة ونقصانها بالسراية غير محقَّق، فإن اتفقتِ السرايةُ استردَدْنا الزيادةَ، وحكى الإِمام وجهَيْن عن الصائرين إلى التعجيل في "مسألة المكاتَبِ" في أنه هل يخص الحُكْم بما إذا كان المالُ المأخوذُ وافياً بالنجوم أو بما بَقِيَ منها أَو يعمَّم قال: ولو كانتِ الجراحةُ جراحةَ حكومةٍ، فلا بد من التوقُّف إلى تبيُّن العاقبة، وعن بعض الأصحاب فيما رواه الشيخ أبو محمَّد: أنه يُؤْخَذ أقلُّ ما يُفْرض حكومةً لتلْك الجراحة، وعند أبي حنيفة [ومالك وأحمد]: لا يستوفى قصاص الطرف قبل الاندمال، بناءً على أصْلِهِمْ؛ أنه إذا صارت الجنايةُ نفْساً، سقَطَ قصاصُ الطَّرَف.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: تفاوت العضوَيْن في العدَدِ قد يكون بالنقصانِ في طرَف الجانِي، وقد يكون بالنقصانِ في طرف المجنيِّ عليه، وفيهما صور:
إحداها: لو كانَتْ يد الجانِي ناقصةً بأصبعٍ، وقد قطع يداً كاملةً، فالمجنيُّ عليه يأخذ ديةَ اليدان إن شاء، وإن شاء قطع يده الناقصةَ وأخذ الأرش للأصبع، ولو كانت ناقصة بأصبعين فله قطْع يده وأرْشُ أصبعين، وقال أبو حنيفة: لا أرش له مع قطْع اليد.
لنا: أنَّ الجانِيَ قد قطع منه أصبعاً، لم يستوْفِ قِصاصَها، فيكون له أرشُها لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فِي كُلِّ أصْبُعٍ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ"(١) وَأَيْضاً، فإن تلْك الأصبع، لو كانت، لكان له استيفاؤُها، فهذا لم توجَدْ، استوفى بدَلَها، كما لو قطع أصبعين، وليست له إلا واحدةٌ [ويخالف] ما إذا كانتْ يد الجاني شلاء، وأراد المجنيُّ عليه قطْعَها، فإنه لا يأخذُ معها شيئاً؛ لأن النقصانَ هناك نقصانُ صفةٍ، وجرمُ الأصابع باقٍ، والنقصان هاهنا نقصانُ جزء، وحكْمُ النقصانين مختلفٌ؛ ألا ترى أنه لو أتلَفَ إنسانٌ عليه صاعَيْ حنطةٍ، ووجد للمتلف صاعاً، كان له أن يأخذُهُ، ويطلب بدل الباقي، ولو أتْلَفَ عليه جيداً، ووجد له رديئاً من جنْس المُتْلف، فأراد أن يأخذه ويطلب أرشاً، لم يكن له ذلك، وكذا لو قطَع
(١) رواه أبو داود من حديث أبو موسى، ومن حديث ابن عباس أيضاً، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.