أصبعَيْن من غيره، وله أصبع واحدة، فللمجنيِّ عليه أن يقتصَّ في الموجودة، ويطلب بدل المعدُومة، ولو قطع أصبعًا صحيحةً وتلْك الأصبع منه شلاء، فأراد المجنيِّ عليه قطع الشلاء وأخذ شيء للشل لم يمكن التائية لو كان النقصان في يد المجني عليه كما إذا قطع السليم يداً ناقصةً بأصبعٍ، فليس للمجني عليه قطعُ اليدِ الكاملةِ من الكُوع لما فيه من استيفاء الزيادة، لكنه يلقط الأصابع الأربع إن شاء، ويأخذ ديتها إن شاء، قال الإِمام أبو حنيفة: يأبى هذا النوْع من القصاص، ولا يجيز أن تلقى حديدة القصاص غير الموضع الذي لقيته حديدة الجاني، وقد تقدَّم مثله، فإن لقَطَ الأربع، فقد استبقى كفَّ الجاني مع استيفَائه كله فهل له حكومتها أما حكومة خمسها الذي تقابل منبت أصبعه الباقية، فيجب، وأما حكومة أربع أخماسِها، فوجهان.
أحدهما: لا يجب، وتدخل تحت قصاص الأصابع، كما تدخل تحْت ديتها، فإنه أحد موجِبَي الجناية.
وأصحُّهما: الوجوب، وبه قال أبو إسحاق، ووُجَّه بأن الحكومة من جنْس الدية، فلا يبعد دخولُها فيها، والقصاصُ ليس من جنْسِها، وبأن الدية بَدَل حكمي، فجاز أن يجعل بدلاً عن الكلِّ، والقصاصُ استيفاءُ المثل حسّاً، فلا يمكن أن يجعل الأصابع وحْدَها في مقابلة الأصابع ومنابتها، مع التفاوت المحسُوس بين الجملتَيْن، ويجري الوجهان فيما إذا كانَتْ على يد الجانِي أصبعٌ زائدةٌ، ويد المقطوع بصفة الاعتدال، فلقط الخمس؛ لتعذر القطْع من الكوع بسبب الزائدةِ هل تدخل حكومةُ الكفِّ تحْت قِصاص الخمس؟ وهذه الصورة هي التي ينطبق عليها قولُه في الكتاب: "لكن هل يندرج تحت قصاص الأصابع؟ فأما إذا لقط الأربع في الصُّورة التي قبل هذه، فليس البخاري قصاصَ الأصابعِ، بل قصاصُ بعضِها، ولو أخذ في تلْك الصُّورة دية الأربع، ولم يلقطها، دخَلَت حَكومةُ منابتها فيها، وعلى ظاهر المذهب، كما أن حكومة جميعَ الكفِّ تندرج تحت دية الأصابع، فإنَّ الواجبَ في لقط الأصابع خمْسُونَ من الإبل، وفي القَطْع من الكوع، ولا يجِبُ إلا ذلك، وإذا اندرجَتْ حكومة الكفِّ تحت ديات الأصابع، اندرج بعضها تحت البعض؛ لأن البعْضَ من البعْضِ كالكل من الكل، وحكى الإِمام وغيره وجْهاً أنه لا تندرج، وتختص قوة الاستتباع بالكلِّ وأما حكومة الخمسِ الباقي من الكفِّ، فيجب على الصحيح، وحكي وجهٌ أنَّ كل أصبع تستتبع الكفّ كما تستتبعها كل الأصابع، ورتَّب الإِمام الخلاف في أن دية بعض الأصابع، هل تستتبع قسطاً من حكومة الكفِّ على الخلاف في أن قصاص بعْضها] (١) هل يستتبع؟ إن قلْنا بالاستتباع في