للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحُّهما: عند صاحب "التهذيب": المنع؛ للزيادة في عدد الأنامل، كما لا تقطع اليد التي [فيها] ستُّ أصابع بيد المعتدل؛ للزيادة في عدد الأصابع، وقد يُؤَيَّد ذلك بنصِّ تقدَّم في الأصبع الزائدة، أنه إذا كانت لها ثلاثةُ مفاصِلَ، لا تقطع بالتي لها مَفْصِلان، وعلى هذا يقطع منه ثلاث أنامل، هي ثلاثة أرباع حقِّه، ويطالب بالتفاوت بيْن جميع الدية، وثلاث أرْبَاعها، وهو بعيران ونصْفٌ، ولو بادر المجنيُّ عليه، وقطع أصبعه عُزِّر، ولا شيْء عليه.

وقوله في الكتاب: "وإن قطع ثلاثاً قطعنا ثلاثةً" جواب على ما رجَّحه صاحب "التهذيب" لأن قطع الثلاث من المعتَدِل هو قطْع الأصبع كلّها، وليُعْلَم بالواو؛ للوجْه الآخر على أن الأشبه أنه لم يَقْصِد الجوابَ بما ذكَره؛ لأنه لم يذْكُره في "الوسيط" ولا اختاره الإِمام وإنَّما وقع عن غفلةً.

ولو قطع معتدلٌ أنملةَ مَنْ له هذه الأصبع، لم تقطع أنملته، ولكن تُؤْخَذ منه رُبُع دية أصبع، ولو قطع أنملتين، فللمجنيِّ عليه أن يقطع منه أنملةً، ويأخذ ما بين ثلُث الدية ونصْفها، وهو بعيرٌ وثلثان، ولو قطَع ثلاثَ أناملَ، فله أن يقطع أنملتَيْن، ويأخذ ما بين الثلثين، وثلاثة أرباع، وهو خمسة أسداس بعير، ولم يذكروا هَاهُنَا أنه يُحَطُّ من المضموم إلى الأنملة المقطوعة شيْءٌ؛ لأنها ربع في صورة ثلث، كما [فعلوا] في مسألة الأصابع السِّتِّ، ولو قطع الأصبع بتمامه، قُطِعت أصبعه ولم يلزمه شيْء آخر، ذكره الإِمام والقاضي الرويانيُّ.

والحالة الثانية: أن تكون الأنملةُ العلْيا زائدةً خارجة عن أصْلِ الخلقة فلو قطع صاحبها أصبُعَ معتدلٍ، لم تقطع أصبعه؛ لما فيها من الزيادة (١)، وأُخِذَت منه الدية ولو قَطَعَها معتدلٌ، قُطِعَتْ أصبعه، وأُخِذَت منه حكومة للزائدة، وتختَلِفُ الحكومة بأن تكُون الزائدةُ ساقطةَ العمل أو منقادَة له، ولو قطع المعتدلُ أنملة منْها، فلا قصاص؛ لأن الأصلية لا تُؤخَذ بالزائدة، وتجب الحكومة، ولو قطع منه أنملتين، قطعت منه أنملة، وأخذت الحكومة [للزائدة] (٢)، ولو قطع ثلاثاً، قطعت منه أنملتان، وأخذ الحكومة.

فرُوعٌ: إذا كان لأنملته طرفانِ؛ أحدهما أصليٌّ عاملٌ، والآخر زائدٌ غير عاملٍ، ففي الأصلي القصاصُ والأرشُ الكاملُ، وفي الزائِدِ الحكومةُ، ولو قطع صاحبُها أنملةً معتدلةً، قُطِع منه الطرف الأصليُّ، إن أمكن إفرادُه بالقَطْع، وإن كانا عاملَيْن مشتدين قال الإِمام: الأمر فيهما قريبَ من القول في الأصابع الستَّة الأصليات، كان قطع معتدلٌ أحد


(١) وهذا حكاه في البحر عن حكاية أبي بكر الصيدلاني.
(٢) في ز: للزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>