قصاص خيِفَةٌ من أخذ الزائدة بالأصلية] (١) أي مع اختلاف المحلِّ، فأما إذا لم يختلفِ المحلُّ، فلا يمتنع أخذ الزائدة بالأصلية، على ما مَرَّ، وذلك كما إذا كانَتْ له أربعُ أصابعَ أصليةِ وخامسةٌ زائدةٌ، فقطع يد من أصابعه أصلية، يجوز للمجنيِّ عليه أن يقْطع يده، ويرضى بالزيادة عن الأصليَّة.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قوله: "ولو قسمت القوة المدبرة بإذن الله تعالى" عبارة اتبع فيها الإِمام حيْثُ قال في تصوير المسألة: "صادَفَتِ القُوَّةُ المُدَبِّرة بإذْن الله تعالى مزيدَ مَادَّةٍ، فزادت في الأصبع قِسْماً"، وهو كما حكيناه عنه في تصوير الأصابع الستِّ، والمقصود أنَّ كلَّ أصبعٍ سوى الإبهام منقسمةٌ فيما أجرى اللهُ تعالَى العادَةَ به ثلاثَ أقسام، وهي الأناملُ الثلاثُ، فلو انقسمتْ على خلاف العادَة أصبع بأربعِ أناملَ، فلها حالتان.
إحداهما: وهي المذكورة في الكتاب أنْ تكون الأربعُ أصليةً عند أهل النظر، وقد يستدلُّ عليه بأن تكُون غيْر مُفْرطةِ الطُّول بل قريبة من الاعتدال، وتناسب سائر [الأصابع]، فإذا قطَع صاحبُها أنملةً من معتدلٍ، فيقطع منه أنملة، لكنَّ حقَّ المجنيِّ عليه لا تتأدِّى بها على التمام؛ لأن أنملته رُبُع الأصبعِ، وأنملةُ المجني عليه ثُلُثٌ، فيُطالَبُ بما بين الربع والثلثِ من دية أصبع، وهو خمسة أسداس بِغيرِ؛ لأن [ثلثا] دية الأصبع ثلاثةٌ وثلثٌ، وربُعُها اثنانِ ونصْف، ويقال: إن القفَّال حكى هذه الصورة عن نصِّ الشافعيِّ -رضي الله عنه- وإن قَطَع أنملتين، قطعنا منه أنملتين، وأنملتَاهُ نصْف أصبعه، وأنملتا المجنيِّ عليه ثلثا أصبعه، فيُطَالَب بما بين نصْف دية أصبع وثلثها، وهو بعير وثُلثَا بعيرِ، وإن قطع أصبع معتدل بتمامها، فهل يقطع أصبعه بها؟ نقل صاحب "التهذيب" فيه وجهين:
أحدهما: نَعم، وهو الذي أورده القاضي الرويانيُّ، وصاحب الكتاب في "الوسيط" و [هو الذي] صحَّحه الأمام، لأنه لا تفاوُتَ في أصْلِ الخِلْقة، وإنما التفاوتُ في كيفية الانقسامِ وعدد الأقسام، ويدُلُّ على المقابلة بين الأصبَعيْنِ جَعْل كلِّ أنملةٍ منها مقابلةً بربع ما يقابل به أصبع المعتدل.