للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام: ويختلج في النفس أن يُقال: ليس له لقط الخمس؛ لوقوع الست على نَظْمٍ يخالف نظم الخمس المعتدلة، وغموض القطْع منها ثم حقُّه لا يتوفر بقطع الخمس منها؛ لأنها خمسة أسداسِ اليد، ويده مقطوعةٌ [بكمالها] (١)، فله مع ذلك سدُسُ الدية، لكن يُحطُّ من السدس شيْءٌ لأن الخمس الملقوطة، كان كانت خمسة أسداس، فهي في صورة الخمس المعتدلة، والأمرُ في قدْر المحطوط مفروضٌ إلى رأْي المجتهد ونَظَرِهِ، ولو بادر المجنيُّ عليه، وقَطَع الستَّ، قال صاحب "التهذيب": يعزر، ولا شيْء عليه، ولو قلت: يلزمه شيْء، لزيادة الصورة، لم يَبْعُدْ، وهو القدْر المحطوط من سُدُس الدية لواحدة مع قطْع الخمس، ولو قطع صاحبُ الأصابع الستِّ أصبعًا من معتدل، تقطع أصبعه، ويُؤْخَذ ما يفضل به خمس دية اليد على سُدُسِها، وهو بعيرٌ وثُلُثا بَعِيرٍ؛ لأن خمُسَها عشرة، وسدسها ثمانية وثلث، وقياس ما سبق أن يُقال: يحط من قَدْر التفاوتِ شيْء؛ لأن المستوفَى سُدُسٌ في صورة خُمْسٍ، ولو قطع معتدل اليد التي وصفنا أصابِعَها، قطعت يَدَه ويُؤْخَذ منه شيءٌ للزيادة المشاهدة، كذلك حكاه الإِمام وغيره ولو قطَع أصبعاً منْها، لم يقتص؛ لما فيه من استيفاء الخُمُس بالسُّدُس، ولكن يؤخذ منه سدُسُ ديةِ يَدٍ ولو قَطَع أصبعَيْن، قُطِعت منه أصبعٌ ويؤخَذ فضْل ثلث الدية على خمسها، وهي ستة أبعرة وثلثان، ولو قطع ثلاثًا منها قُطِعَتْ منه أصبعان، ويُؤْخَذ من دية اليَدِ فضْلُ النصْف على الخمسين، وهو خمسة أبعرة، ذكره الشيخ إبراهيم المروروذي وغيره، ولو بادر المجنيُّ عليه، وقطَع بأصبعه المقطوعةِ أصبعاً منها، قال الإِمام: هو عنْدَنَا كَمَنْ قطَع يدًا شلأً، فابتدر المجنيُّ عليه، وقطع بها الصحيحةَ.

الثانية: إذا قال أهل البصر: نعْلَم أن واحدةً منها زائدةٌ، فإن القوَّة لم تقسم اليد إلى أجزاء متساوية، ولكن الزائدةَ ملتبسةٌ علينا، لم يكن للمجنيُ عليه قطْع الخمس؛ لأن الزائدةَ لا تُقْطع بالأصليَّة مع اختلاف المحلِّ، ولا يؤمن أن تكون الزائدةُ إحْدَى المستوفيات، ولو بادرَ، وقطَع خمساً، عُزِّر، ولا شيء عليه [لاحتمال أن] (٢) المقطوعاتِ أصلياتٌ، ولا شيء له كان احتمل أن تكون الزائدةُ فيما استوفَى؛ لأنه تَعدَّى بما فعَل، والاحتمالان قائمان، فلا نَجْعَل له شيئاً كما لا نَجْعل عليه شيئاً، ولو بادر، وقَطَع الكلَّ، فعليه الحكومة للزائدة، كان قال أهل البصر: لا نَدْرِي أهي كلها أصلياتٌ، أم خَمْس منْها أصليةٌ، وواحدةٌ زائدةٌ، فلا قصاص أيضاً، ولو قطع جميعَها أو خمساً منه، يعزَّر، ولا شيء له، ولا عليه؛ لأنه إن قَطَع الجميع، فيحتمل أنها أصلياتٌ، وإن قطع خمساً منها، فيحتمل أن تكونَ الأصليات والباقيةُ الزائدةُ [وقوله في الكتاب: "فلا


(١) في ز: مما فيها.
(٢) في ز: لأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>