للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإنْ كَانَ عَلَى يَدِ الجَانِي سِتُّ أَصَابِعَ مُتَسَاوِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا زَائِدٌ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقُطَ خَمْساً وَيُطَالِبَ بِسُدُسِ دِيَةِ اليَدِ وَيُحَطُّ شَيْئٌ بِالاجْتِهَادِ لِأَنَّ كُلَّ سُدُسٍ استَوْفَاهُ كَانَ في صُورَةِ خُمُسٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ بِالفِطْرَةِ الْتَبَسَ عَلَى أَهْلِ الصَّنْعَةِ فَلاَ قِصَاصَ خِيفَةً مِنْ أَخْذِ الزِّيَادَةِ بِالأَصْلِيَّةِ، فَإنْ بَادَرَ وَلَقَطَ خَمْسَاً فَهُوَ تَمَامُ حَقِّهِ وَلاَ أَرْشَ لَهُ بَعْدَهُ وَإِنِ احْتُمِلَ أَنْ تكُونَ الزَّائِدَةُ هِيَ المُسْتَوْفَاةَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد سبق أن الزائدَ مِن الأعضاء يُقْطِع بالزائد، إذا اتحدَ المحلُّ، وذكَرْنَا خلافاً في اشتراط التساوِي في الحَجْم، فلو فُرِضَ شخصانِ لكلِّ واحدٍ منهما أصبعٌ زائدةٌ، فقطع أحدهما زائدةَ الآخر، اقتص منه، إذا حصل شرطه، وكذا لو قطع أحدُهما يد الآخر، ولو قطع شخص معتدلٌ الخِلْقة يدًا عليها أصبعٌ زائدةٌ تُقْطَع يدُه بها، وتؤخذ الحكومةُ للزائِدَةِ، سواءٌ كانتْ معلومةً بعينها أو لم تكُنْ، وإن شاء المجنيُّ عليه، أخَذَ دية اليد وحكومة الأصبع الزائدة، ولو قطع صاحبُ الأصابعِ السِّتِّ يدَ معتدلِ الخلقة، لم تُقْطع يدُه من الكوع إلا أن تكون الأصبع الزائدة نابتة من الذراع، [فلا يمكن القطْع من الكوع]، وإذا تعذَّر القصاص من الكوع، فللمجنيِّ عليه لَقْطُ الخمس الأصليات، وتعود الوجهان في استتباع قصَاصِها حكومةَ الكَفِّ فإن كانتِ الزائدةُ بجنب أصلية؛ بحيث لو قُطِعت الأصليةُ، لسَقطتِ الزائدةُ، فلا تقطع، بل يقتصر على قطع الأربع، ويأخذ دية أصبع، ولو كانت نابتةً على أصبع، وأمكن قطْع بعضها من الأربع، فَعَل كما إذا كانت نابتةً على الأنملة الوسْطَى أصبعٌ، فيُقْطَع الأنملة العلْيا مع الأربع، ويؤخذ ثلُثَا دية أصبُع، هذا إذا كانتْ في الست الزائدة معلومةً بعينها، ووراءه صورتان، هما المذكورتان في الكتاب.

إحداهما: لو كانت الست كلُّها أصليةً؛ بأن قسمت الطبيعة مادَّةَ الأصابع بتقدير العزيز الحكيم بستة أجزاء متساوية في القوَّة والعَمَل بَدَلاً عن القسمة إلى خمْسة أقسام، هذا لفْظ الإِمام، وكلمتا "الطبيعة والمادة" من اصطلاحات القوْم، وإن أسند إلى تقدير الحكيم الخبير، ومِن الأصحاب من عبر عن الغرض بأنَّ الله تعالَى نقص من جرم كلِّ أصبع من الخمس وقُوَّتها شيئاً، وخَلَق منها أصبعاً تساويها في الصورة والقُوَّة، وبالجملة، فإذَا قال أهل البصير: إنها جميعاً أصليةً، ليست فيها زائدةٌ، فللمجنيِّ عليه أن يلقط خمْساً منها على الولاء من أي جانِبٍ شاء هكذا أطلق، ولك أن تقول: إن لم تكنِ الستُّ المفروضةُ على تقطيع الخمس المعهودة وهيئاتها، فهذا قريبٌ، وإن كانتْ على تقطيعها، فمعْلُومٌ أن صورة الإبهام من الخمس تباين صورة سائرها، كان كانتِ الَّتي تشبه الإبهام على الطرَف، فينبغي أن يلقط الخمس من ذلك الجانب، وإن وقعَتْ ثانية، وكانت التي على الطَّرَف كالملحقة بها، فينبغي أن يلقط الخمْس من الجانِب الآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>