للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: إذا كانا عالمَيْن، فظاهر المذْهب، وهو المنصوص: أن الضمان يتعلَّق بالإمام؛ لأن الاجتهاد والنظر إليه والبحث والاحتياط عليه، وفعل الولي صادر عن رأيه واجتهاده، وهو كالآلة ووراءه وجهان:

أحدهما: وهو اختيار المزنيُّ: أن الضمان على الوليِّ؛ لأنه المباشر، والمباشرةُ أقوَى وأولَى بإحالة الهلاك عليْها، وهذا أرجَحُ عند الإِمام وصاحب الكتاب.

والثاني: وعن رواية أبي علي الطبريِّ وصاحب "التقريب": أن الضمان عليهما بالسوية؛ لأن الولي مباشرٌ، وأمر الإِمام كالمباشرة؛ فيشتركان في الضمان.

والثانية: إذا كانا جاهلَيْنِ، ففيمن عليه الضمانُ الوجوة الثلاثةُ المذكورةُ في الحالة الأولَى وفي تعليق الشيخ أبي حامد القطْع بالأوَّل منها.

والثالثة: إذا كان الإِمام عالماً والوليُّ جاهلاً، فإن أوجبْنا الضمان على الإِمام إذا كانا عالمين فهاهنا أولى وإن أوجبناه هناك على الوليِّ، فهاهنا وجهان يَقْرُبَان من الخلاف فيما إذا أضافَ الغاصبُ بالطعامِ المغصوبِ غيرَهُ، على مَنْ يستقر الضمان؟

والرابعة: إذا كان الوليُّ عالماً، والإمامُ جاهلاً، فالمشهور الصحيحُ أن الضمان على الوليِّ؛ لاجتماع العلْم وقوة المباشرة، وعن صاحب "التقريب" وجّه أنه على الإِمام لتقصيره في البحث، ويخرج مما سقْناه أربعة أوجهٍ، وجوب الضمان على الإِمام مطلقاً، ووجوبه على الوليِّ مطلقاً، والشركة مطلقاً، ووجوبه على الإِمام، إذا كان عالماً أو كانَا معاً جاهلَيْنِ، وعلى الوليِّ، إذا اختص الجَهْل، وهذه الوجوه الجارية هي التي ذكرها في الكتاب، إلا أن لفظ الرابع غير وافٍ بالمقصود والوافي ما ذكرناه.

التفريعُ: حيث أوجبْنا الضمان على الوليِّ، فالغرة على عاقلته، والكفارةُ في ماله وحيثُ أوجبناه على الإِمام، فإن كان عالماً، ذكذلك وإن كان جاهلاً، فعلى القولَيْن في أن ما يَلْزم بخطأ الإِمام في الاجتهاد؛ يكون على عاقلته أم في بيت المال، وسيأتي ذكْرُهما:

أظهرهما: وهو المنصوص هاهنا أنه على عاقلته، وعن أبي الطيِّب بن سلمة، وأبي علي الطبريِّ: القطع به، وإذا قلْنا: إن الغرة أو الدية تكون في بيت المال، ففي الكفَّارة وجهان (١) لقربهما من القربات وبُعْدِها عن التحمُّل، ولو باشر القَتْل نائب الإِمام أو جلادُه دون الوليِّ، فإن كان جاهلاً، فلا ضمان عليه بحال؛ لأنه سيف الإِمام، وليس عليه البحْث عما يأمره [الإِمام] به وإن كان عالماً ففيه خلاف مرتَّبٌ على الخلاف في الوليِّ، إذا كان عالماً وأذنَ له الامامُ، والجلاَّد أولَى بأن لا يَضْمَن؛ لأنه لا يستَوْفِي


(١) وحكاه البندنيجي والقاضي أبو الطيب قولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>