حرٍّ، فاقتص منه، ثم عَتَقَ العبْدُ، ومات المجنيُّ عليه بالسراية، ففي وجهِ يسقط نصْف الدية، وعلى السيد الأقلُّ من نصْف دية الحرِّ وكمال قيمة العبد؛ لأنه صار مختاراً للفِدَاء، وفي وجه يسقُطُ من دية الحرِّ بقدر نصْف قيمة العبْد، وعلى السيد الأقلُّ من باقي الدِّيَة، وكمال قيمة العبد.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: سَبَقَ في "كتاب الوكالة" أن [التوكيل] باستيفاء القصاص في حضْرة المُوَكِّل جائزٌ، وكذا في غيبته علَى الأصحِّ، وحدُّ القذفِ كالقصاص، وسواءٌ جوَّزنا التوكيلَ به أو لم نجوِّز، فإذا وكَّل، واستوفَى الوكيلُ، صار حقُّ الموكِّل مستوفًى، كما إذا وكَّل ببيع سلعةٍ توكيلاً فاسداً، فباع الوكيلُ، يصح البيع.
إذا عُرِفَ ذلك، فلو وكَّل بالاستيفاء، وغاب أو تنحَّس الوكيلُ بالجاني، ليقتص منه، فعفا الموكِّل، نُظِر؛ إن لم يُدْر، كان العفْو قبل القتل أو بعْده، فلا شيء على الوكيل، وإن عفا بعْد ما قَتَل الوكيل، فهو لَغْو، وإن عفا، ثم قَتَل الوكيل، فإن كان عالَماً بالعَفْو، فعَلَيه القصاصُ، كما لو قتله غيره، وإن كان جاهلاً، فلا قصاص، وفرق بين ما إذا قَتَل من عهده مرتدّاً أو حربيّاً، فبان أنَّه قد أسْلَمَ حيث يجب القصاص على أحد القولَيْن؛ بأن القاتل هناك مقصِّر؛ لأن المرتدَّ لا يُخْلَى بقي على الردَّة، والحربيُّ لا يجترئ على دخول دار الإِسلام بلا أمان، فكان من حقه التثبت، والوكيل معذورٌ ها هنا بَانٍ على ما يجوز البناء علَيْه، وفي "السلسلة" للشيخ أبي محمَّد: أن في وجوب القصاصِ هاهنا قولاً مخرجاً من "مسألة المُرْتدِّ" والصحيح الأول، فإن ادَّعَى على الوكيل العلْم بالعفْو، وأنكر، صُدِّق بيمينه، فإن نكَل حلَف الوارثُ، واستحق القصاصَ، وأما الديةُ، ففي وجوبها قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لأنه عفا بعْد خروج الأمر من يده، فوقع لغواً؛ ولأن القتل يُبَاح له في الظاهر، فلا يَتَّجه التضمين به.
وأصحُّهما: وهو اختيار المزنيِّ: أنها تجبُ؛ لأنه بأن أنَّه قتَلَه بغير حقٍّ؛ ولأنه لو علم العفْو، وقتله، وجَب عليه القصاصُ، فإذا جهله، تجب الدية، كما لو قتل مَنْ ظنَّه مرتدّاً، فبان رجوعُه إلى الإِسلام، واختلفوا في حال هذين القولين، فقال قائلُونَ: هما