الاعتياض عن إبل الدية. [إذا أوجبت الجناية مالاً معلومَ القَدْر والوصف، كما إذا أتلف مالاً أو قتل عبداً أو وجبَت القيمة] فإذا زَجَرَتْ مُصَالَحَةُ المجنيِّ عليه على عيْنٍ، وهما يعلَمان الواجبَ، صحَّ الصلْح بلا خلاف، وإذا فرض تلَفٌ قبل القبض أو رَدَّت بالعيب، فالرجوع إلى الأرش بلا خلاف، وإن كان الجاني، والحالةُ هذه، عبداً فيكون السيد مختاراً للفداء، فإن صالح على رقبته، ثم وجد به عيْباً، فردَّه فلا يكون مختاراً بل الأرشُ في رقبته، كما كان، حتَّى لو مات سقَط حقُّ المجنيِّ عليه.
إذا قطع يدَيْ إنسان ورجلَيْه، فمات، فقطَع الوليُّ يد الجاني، وعفا عن الباقي على الدية، لم يكن له الدية لأنه استوفَى ما يقابلها، ولو عفا على غَيْر جنْسها، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجب، كما لا تجب الدية.
والثاني: يجب، ويكون عِوَضاً عن القصاص الذي تركه، ولو قطع إحدَى يديه، وعفا عن الباقي على الدية، لم يكن له إلا نصْف الدية؛ لأنه استوفَى ما يقابِل نصْفَ الدية، وقدْ مرَّت هذه الصورة أو نحوها.
نقل القاضي الرويانيُّ. عن والده: أنَّه قال: لو قتل مسلمٌ ذميّاً، فقتل وليُّ الذميِّ القاتلَ بغيْر حكْم الحاكم، فعليه القصاصُ بخلاف الوطء في النكاح لا يوجب الحدَّ؛ لأن القصاص لا يُستوفَى إلا بإذن الحَاكِم، وإن كان متفقاً على وجوبه، ومن يبيح الوطء في النكاح لا يعتبر فيه إذناً.
وأنه لو أكره غيره على أن يَرْمِيَ إلى صيْدٍ، فرمى، [فأصاب] آدميّاً، وقتله فهما قاتلان خطأً، فعلى كلِّ واحد منْهما كفارةٌ، وعلى عاقلة كلِّ واحدٍ منهما نصفُ الدية، وهل على العاقلة المكْره الرجوعُ بما يغرّمون على المُكْره؟ يحتمل أن يقال: لا يرجِعُون، وإن كان متعديّاً، وهو الذي أوقَعَهم فيه، كما لا يرجِعُون على القاتل في شبه العمْد، قال: ويحتمل أن يقال: لا شيْء، على المكْره وعاقلته؛ لأن الذي فعله المُكْره غير ما حمله المكره عليه.
قطع يدَيْ رجُلِ عمْداً، فمات منْهما، فقطع الوارثُ إحْدَى يدَي الجاني، فمات قبل أن يقْطع الأخرى، لم يكن للوليِّ أن يأخذ دية الأخرَى؛ لأن كلَّ واحدٍ من قطْع الجاني وقطع الوليِّ، قد صار قتْلاً، وإذا سَرَتِ [الجراحة](١) إلى النفْس، سقط حُكْمُ الأطراف، وقد صارت النفْس مستوفاةً بالنفس [وقد قتله فصار كحز الرقبة]، ولو لم