للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرقبةُ، فأيُّ فائدة في الردِّ؟ ويُجاب بأنه إذا ردَّ، فله مطالبة العبْد، إن عتق بما يفْضُل عن قيمته على قَوْل، وأيضاً، فحق الردِّ ولاية شرعية، لا يبنى على مثل هذه الأعراض (١)، ثم إذا ردَّ، يبقى الأرش متعلقاً بالرقبة، ولا يكون السيِّدُ مختاراً للفداء، فإنه يستَبْقِهِ لنفسه، وله الخيارُ بين أن يفيده وبين أن يسلمه للبيع، ولو اشتراه بمال غَيْر الأرش، صحَّ، ولم يسْقُط القصاص، ولو صالَحَ عن القَوَد على مالٍ، جاز، وإن كانتِ الديةُ مجهولةً، فإن تلف عين المال المُصَالَحِ عليه أو استحقَّت أو ردَّها بعَيْب، فلا رجوع إلى القصاص، ويرجع بقيمة العَيْن أو بضمان الجناية؟ فيه قولان؛ بناءً على أنَّ بَدَل الصُّلْح عن الدَّمِ مضمون ضمان العقد أو ضمان اليد، وقد ذكَرْنا ذلك في البَيْع، وإذا قلْنا: يرجع بضمان الجناية، فهو على السيد؛ لاختياره الفداء، ببذل المال، ويجبُ علَيْه أرْش الجناية بالغاً ما بلغ أو الأقل من قيمة العبْد، وأرش الجناية فيه قولان مذْكُوران في مَوْضِعِهما، ولو كانت الجنايةُ موجِبةً للمال الأقل وصالَح عن الإبل علَى مال، ففي صحته الخلافُ، فإن صححَّناه، فلو هلك المَصَالِحُ عليه، قبل القبض أو خرج مستحقّاً، أو ردّه بعيب، فالرجوع إلى الأَرْش، بلا خلاف؛ لأن الصُّلْح هاهنا عن المال، ويكون السيد مختاراً للفداء، ويلزمُهُ الأرْش أم الأقَلُّ؟ فيه القولان.

ولو جَنَى حُرٌّ على حُرٍّ جنايةً تُوجِبَ القصاصَ، فصالحه المجنيُّ عليه على عيْن عبد أو ثوْب، جاز، وإن لم تكُنِ الديةُ معلومةً لهما، فإن تلِفَت العين قبْل القبض، أو ردَّها بعيب أو خرَجَت مستحقَّةً، فلا رجوع إلى القصاص، وبم يرجع؟ بقيمة العَيْن أو بأرش الجناية؟ يُبْنَى على أن بدل الصُّلْح عن الدم مضمونٌ ضمانَ العقْد أو ضمان اليد، وإن كانتِ الجناية موجبةً للدية، فصالح عنها على عَيْنٍ أو اشترَى بها عيناً إما من العاقلة في الخطأ أو من الجانِي في العَمْد، فيُنْظَر، أعلما عدَدَ الدية وأسنانها، أم لم يعلما، ويكون الحُكْم على ما بيَّنَّنا، وإذا صحَّ، فلو تَلِفَ المصالَحُ عليه، أو ردَّه بالعيب، فالرجوع إلى الأرش قولاً واحداً؛ لأنَّه يمكن الرجُوع إلى المُصَالح عنه، [لأنه مالٌ، وفي الصلْح عن القصاص لا يمكن الرجوع إلى المُصَالح عنه] (٢) ولو جنَتِ امرأةٌ على إنسان، فتزوَّجها المجنيُّ عليه على القصاص الثابتِ عليها أو قتلت إنساناً فتزوَّجها وارثه على القصاص، جازَ، وسقط القصاص، وإن طلَّقها قبل الدخول، فيرجع بنصْف أرش الجناية أو بنصْف مهْر المثل؟ فيه قولان:

أصحُّهما: على ما ذكَر صاحب "التهذيب": الأوَّل، وإن كانتِ الجنايةُ موجبةً للمال، فنَكَحَها على الأَرْش، صحَّ النكاح، وفي صحَّة الصَّدَاق ما سبقَ في جواز


(١) في ز: الأغراض.
(٢) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>