للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: ويُحكَى عن ابن سُرَيْج: إن فيه قولين كما إذا قَدَّمَ الغاصبُ الطعامَ المغْصُوب إلى غيره، فأكَلَه في قرارِ الضَّمَان عليه قولان.

والثاني: القطع بأن لا رجوع عليه (١) لأنَّه محسنٌ بالعفوْ غير ملبس بخلاف التصرُّف في الطعام المغْصُوب.

والظاهرُ المنْع، وإن ثبت الخلافُ، وخصَّص بعضُهم الخلافَ في الرجوع بالدية، إذا غرَّمْناها للوكيل، وقَطَع فيما إذا غرَّمناها العاقلة؛ أنهم لا يرجِعُون بها، وإذا قلْنا بالرجوع بها، فهل لوليِّ الجاني أن يأخُذ الدية ابتداءً من العافِي؟ حكَى الشيخ أبو محمَّد [فيه] وجهين، [وفي الرجوع بالكفارة وجهان] (٢) والأصح المنع، كما لا تُضْرب الكفَّارة على العاقلة، بخلاف الدية، وهل للموكِّل العافي دية قتيله، يُنْظر؛ إن عفا مجَّاناً أو عفا مطلقاً، وقلْنا: مُطْلَق العفْو لا يوجب الديةَ، فلا شيْء له، وإن عفا على المال أو مطْلقاً، وقلْنا: إنه يوجب الدية، فله الديةُ في تركة الجانِي مغلَّظة، إن أوجبنا بقتل الوكيل الديةَ، وإن لم نوجبْ، وأهْدَرْنا دَمَ الجانِي، فلا ديةَ للموكّل بخروج العفْو على هذا التقدير عن الإفادة، ووقوعه لغواً، هكذا رتَّب جماعة.

وقال الإِمام: الوجه أن يُقَال: إنْ قلنا: يقع القتْل قصاصاً، ولا ينفذ العفْو من غير علْم الوكيل، فلا دية للموكّل، وإن نفذنا العفْو، ونزَّلنا ما وجد من الوكيل منزلةَ قتل الأسير في صفِّ الكفار، فله الدية، وكأن الجاني مات حتف أنفه، وفي سياق [الكتاب] (٣) ما يشير إلى ما ذَكَره الإِمام، ونختمْ الكتابب فروع يتبع بعضُها بعضاً بلا ترتيب ولا تبويب.

إذا جنَى عبد على حرٍّ جنايةً، تعلق الأرشُ برقبته، فاشترى المجنيُّ عليه العبْدَ من سيده بالأرش، فإن جهلاً أو أحدهما عدد الإبل الواجبة أرشاً أو أسنانها، لم يصحَّ الشراء، وإنَّ عَلِمَا العددَ والسنَّ، ولم يبق إلا الجهل بأوصافِها، ففي صحة الشراء الوجهان أو القوْلان في أنَّه هل يجوز أن يُصَالَحَ المجنيُّ عليه عنْ إبل الدية على مالٍ، وقد ذكَرْناهما في "كتاب الصُّلْح"، وإن كانت الجناية موجِبةَ للقصاص، فاشتراه بالأرش، فهو اختيار للمال وإسقاط للقصاص (٤)، وإذا اطلع المجنيَّ عليه بعد الشراء، حيث صحَّحناه على عيْب بالعبْد، فله الرد، وقد يقال: إذا لم يكن للمجنيِّ عليه إلا


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط من: أ.
(٣) في ز: الكلام.
(٤) أطلق صحة الشراء والقياس أن يكون كالحالة قبلها إن كانا جاهلين أو أحدهما بعدد الإبل وأسنانها لم يصح وإلا فالقولان، وبه صرح صاحب البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>