للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لا بد من إيجاب شيء، ورجَّح الإِمام المنع، وقال: هو القياسُ على الحقِّ، واعترض على تفويض الأمر إلى اجْتهاد الحاكم؛ بأن الحاكم إن قيل: إنه يوجبُ ما شاء، فهو في غاية البُعْد، وإن كان يستند نظْره إلى رأي، فهو المبحوث (١) عنه، وعلى الثاني؛ بأنا إذا اعتبرنا (٢) ما قبل الاندمال، كحالة (٣) الجناية، فإما أن نقول ما قيمته لو كان عبداً، والآلام لا تزول، أو نقول: ما قيمته، والتقدير أن الآلام تزول، والأول ظُلْم، وإن قلْنا؛ بالثاني، فسيقول المقوِّمون: إذا كانتِ الآلامُ تزولُ، والشين لا، يبقى، فالقيمة بحالها، وإذا بطل الوجْهَانِ (٤)؛ تعيَّن المصير إلى أنه لا يجبُ شيء، ولناصري الوجْهِ الآخر أن يقولوا: يسندُ الحاكم اجتهاده إلَى كيفية الجناية خفَّةً وفحشاً (٥)، وإلى قُبْحها في المنظر سعةً أو غَوصاً، وإلى قدر الآلام المتولِّدة منها المختلفة بسُرْعة البرء وبُطَئِهِ، وأن يجيبوا عن الثاني، بأن هاهنا قسماً آخر، وهو أن يقول: ما قيمته وبه هذه الجناية التي لا ندْرِي، أيحصل الاندمالُ منها، وتزول آلامها أو يسري ولا ندري على التقدير الأول، أيبقى شين وأثرٌ أم لا؟ ولا شكَّ أن الجراحة الَّتي حالها ما ذكَرْنا توجبُ نقصانَ القيمة، وقدْ يعرض الإِمام في خلالِ الفَصْل لهذا الجواب إلاَّ أن نفسه لم تسكُنْ إليه، وتقارب المسألة، ما إذا قطع أصبعاً زائدة أو سنّاً شَاغِيَةً، أو أتلف لحيةَ امرأةٍ، وأفْسَد مَنْبِتَهَا, ولم تنقص القيمة بذلك، وربما زادت؛ لزوال الشين مثل أن يكون خلف السنن الشاغية سنٌّ أصليةٌ على استواء الأسنان، وكان سببُ الشين وجودَ تلك الشاغِيَةِ، فهلْ يجبُ شيء؟ فيه الخلاف المنسوبُ إلى ابن سُرَيْج، وأبي إِسحاق، وإذا قلنا؛ بالوجوب، وهو الأصحُّ، فعلَى وجهٍ يجتهدُ فيه الحاكم، وعلى الأظهر يعتبر في قطع الأصبع أقربُ أحوال النقصان من الاندمال على ما مرَّ، وفي السنن الشاغية التي وصفناها تقوَّم (٦)، وله السنُّ الزائدة، ولا أصليَّة خلفها، ثم يقوَّم (٧) مقطوع تلك الزائدة، ويظهر التفاوُتُ بذلك؛ لأن الزائدة تشدُّ الفُرْجَة، ويحصل بها ضرر جمال، وفي لحية المرأة يقدَّر كونها لحية عَبْدٍ كبير يتزيَّن باللحية، فيقال: لو كان للعبد الكبير مثل هذه اللحية، كم قيمته، وينظر كَمْ ينقصُ من القيمة، لو لم يبق له لحيةٌ في ذلك الوقت، فيعرفُ قدر النقصان ويؤخذ (٨) بتلك النسبة من (٩) ديَةِ المرأة.


(١) في ز: المتجوز.
(٢) في ز: اعتدنا.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: ومجتا.
(٦) في ز: يقول.
(٧) في ز: ويقوم.
(٨) في ز: وتوجد.
(٩) في ز: في.

<<  <  ج: ص:  >  >>