للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يجعل العائدُ نعمةٌ جديدةٌ خوَّلها الله تعالى بلا توقُّع وانتظار، وقد ذكرنا في "الجراح" قولين، والحالة هذه، في سقوط القصَاص؛ بناءً على المعنيين، والظاهر أنه لا يسقط، وأن الأرش لا يسترد، والموضِّحة إذا التحمت والتأمتْ بعد ما أخذ أرشها, لم يستردَّ؛ كما ذكرنا أنه لا يؤثر في سقوط القصاص، وحكَيْنا عن صاحب "التقريب" وجهًا في الجائفة؛ أنها إذا التحمت، زالَ حكمها، وأن الإِمام رأى طرده في الموضحة، ورأى تخصيصه بما إذا كان الحاصلُ مجرَّد خرق والتئام (١) من غير أن يزول لحْمٌ، ويحدث بدله.

ولو جنَى على إنسان جناية أذهبتْ بطش يده في الحال، وأخذت الدية؛ لظنِّ الزوال، وحصول الشللِ، ثم قويتَ اليدُ، وصارت تبطش، أو جثَى على عينه، فصار لا يبصر، وأخذت الدية لظنِّ زوال البصر، ثم إنه أبصر (٢)، فالدية مستردة (٣)؛ لان الشَّلَل والعَمَى المحقَّقَيْن لا يزولان، وقد تبيَّن لنا بما جرى أنه لا زوال، وأن ذلك الظنَّ كان خطأً، وكذا القول في السمع وسائر المعاني (٤).

وقوله في الكتاب: "فلَيْسَ فيه أرشٌ ولا قصاصٌ إلاَّ إذا بانَ فَسادُ المَنْبتِ" يعني: إذا مضت المدة التي يتوقَّع فيها العَوْد، فلم يعد يحكم بوجوب الأرش أو القصاص، وهذا هو الظاهر، ولكن ذكر صاحب الكتاب في القصاص قولين، وإن (٥) بان فساد المنبت، فيجوز أن يعلم لذلك الاستثناء هاهنا بالواو، وقوله: "والموضِّحة إذَا التحمَتْ بلحمٍ جديدٍ لا يستردُّ أرشُها؛ لأنه جديد" ذكر اللحم الجديد في التصوير، ثم التعليل بأنه جديدٌ لا يحسن موقعه، ولو قال: إذا التحمَتْ، لا يستردُّ أرشُها؛ لأنَّه جديدٌ، لكان أحسن، والمعنَى الذي التحَمَ، حدث من الغد إلاَّ أنه الأول بخلاف البطْش والبَصَر.

وقوله: "والسنُّ دائرٌ بينهما" أعادَ ذكْر السنِّ بعد ذكر القولين وفي عَوْدها؛ إشارة إلى أن السنَّ تلحق في أحد القولَيْن بالموضِّحة، إذا التحمت، وفي الثاني بالبَطْش، إذا عاد.

واعلم أن الوجْه المنْقُول في التحامِ الجائفَةِ المجرى في الموضِّحة، إن اختصت بما إذا كان الحاصلُ مجرَّد الخرق والالتَئام، وكما ذكره الإِمام، فلا يجوز أن يعلم له قوله: "لا يستردُّ أرشُها"؛ لأنه صوَّر فيما إذا كان الالتحام بلحم جديدٍ؛ لكن، يجوز أن يُعْلَمَ له قوله في الجراح: "وَلَوْ عادَتِ الموضِّحةُ ملتئمةً، لم يسقط القصَاصُ".


(١) في ز: القيام.
(٢) سقط في ز.
(٣) ما قطع به من الاسترداد في البصر تبع فيه الإِمام وهو عجيب لكن في الحاوي للماوردي والبحر للروياني حكاية.
(٤) في ز: المعالي.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>