للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجبنا على الأولِ الأرشَ، ثم عن الشيخ أبي حامد؛ أنا إذا أوجبنا الحكومةَ هاهنا، فتكون الحكومة أقلَّ من الحكومة في السنن المتحرِّكة بالهَرَم، أو المرض؛ لأن النقصان الحاصل ههنا قد غرمه الجاني الأول؛ بخلاف نقصان المرض والهَرَم، وفي "التتمة"؛ أنه ليس على الجاني الثاني إلا الحكومةُ؛ بخلاف ما إذا كان الاضطرابُ لمرض وكِبَر، والاختلال الحاصلُ بالجناية يخالف الاختلالَ الحاصلَ من غير جناية؛ بدليل أنه لو قتل مريضًا انتهى إلى آخِرِ رمقٍ، يلزمه القصاص، ولو انتهى إلَى تلك الحالة بجناية جانٍ، لا يجب القصاص على الثاني، وإذا جنَى على سنٍّ، فاضطربتْ، وانتقصت منفعتها، وقلنا: إنَّ الواجبَ عليه الحكومة، فعاد وقلعها قبل أن يضمن الحكومة، فعليه الأرش بكماله، ولو قلع سنّاً سوداء كاملةَ المنفعة، نُظِرَ؛ إن كانت سوداءَ قبل أن يثغر، وبعده، فعليه كمالُ الأرش، وإنْ كانَتْ في الأصل بيضاءَ، فلما ثغر، نبتت سوداءَ أو نبتتْ [بيضاء]، [ثم اسوَدَّتْ]، فعن نص الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه يراجع أهل الخبرة، فإنْ قالوا: إن ذلك لا يكونُ إلا لعلَّةٍ حادثةٍ، ففي قلعها الحكومةُ، وإن قالوا: لم يحدثْ ذلك لعلَّة، أو قالوا: مثل هذا قد يكون لمرضِ وعلَّةٍ، وقد يكون لغير ذلك، وجب كمال الأرش، والردُّ إلى الحكومة للمرض، مع كمال المنفعة خلافُ القياس، وإن ضرب على سِنَّة، فاسودَّتْ، فالواجب فيه الأرشُ أو الحكومةُ؛ نقل المزنيُّ اختلافَ نصٍّ فيه، وذكر الأصحاب طريقين:

أحدهما؛ وبه قال المزنىُّ، وابن سلمة، وابن الوكيل: أن فيه قولين:

أحدهما: يجبُ الأرش؛ لأنه أذهبَ روُحَ العضو وطراوته، فصار كما إذا أشلَّ (١) اليد، ويحكَى هذا عن أبي حنيفة، ومالك.

وثانيهما: تجب الحكومة؛ لأن الفائت الجمالُ دون المنفعة، فأشبه ما إذا جنَى على يده، فاسوَدَّتْ.

وأصحُّهما، وبه قال أبو إسحاق، وابن أبي هريرة، وعامَّة الأصحاب: تنزيلُ النصَّيْن على حالين، إن فاتت المنفعةُ مع الاسوداد، وجب تمام الأرش، وإلا فالواجبُ الحكومة، ولو اخضرت السنُّ بجناية (٢)، أو اصفرَّتْ، وجبت الحكومة (٣)، وحكومةُ الاخضرار أقلُّ، وحكومةُ الاصفرار أقلُّ. واعلم أن قوله في أول الضبط: "غير متقلقلة


(١) في ز: أرسل.
(٢) في ز: بجنايته.
(٣) قضيته أنه لانظر فيها خلاف الاسوداد وبه صرح في الذخائر فقال: وإن جنى عليها فاحمرت واصفرت قال أصحابنا، يجب فيها الحكومة قولاً واحدًا لأن منافعها باقية وإنما يقتص جمالها. نعم كلام القاضي الحسين في التعليقة يقتضي طرد الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>