للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصليَّة كثيرًا ما تشتملُ على الأصبع الزائدة، والزيادة على القوة أدلُّ منها على الضعْفِ، ولو كانت إحداهما ناقصةٌ بأصبع، لكنها مستوية، والأخرى كاملةُ الأصابعِ، لكنها منحرفة، فأيتهما الأصليَّة، فيه احتمالٌ عند الإِمام، وإن لم تتميَّز (١) الزائدةُ عن الأصلية بوجْهٍ من الوجوه، فهما كَيَدٍ واحدةٍ؛ حتى يجب في قطعهما القصاص أو كمال الدية، ويجب مع القصاص أو الديةِ حكومةٌ لزيادة الصورة، وعن المزنيِّ؛ أنه لا قصاص بقطعهما؛ لنقصانهما وتشوُّه خلقهما، ولو قطعت إحداهما، لم يجب القصاصُ، ويجب فيها نصفُ دِيَةِ يد وزيادةُ حكومة؛ لأنها نصف في صورة الكلِّ، قال في "الوسيط": هذا ما قيل، وجعلُها نصفاً مع احتمال كونها زائدةً مشكلٌ، وهذا يشير إلى أن يقال إحداهما أصلية، والأخرَى زائدة، ويؤخذ في الأحكام باليقين، وفي كتاب القاضي ابن كج عن أبي الحُسَيْن روايةُ وجه؛ أنه لا يجب الحكومةُ مع نصف الدية، فيجوز أن يُعْلَمَ لذلك قولُه في الكتاب "وَزِيادَةُ حُكُومةٍ" بالواو، والظاهر الأول، وإذا قيل به، فلو قطع أصبع منها، ففيه نصفُ ديةِ أصبع وزيادةُ حكومة، ولو قطعتْ أنملة، فنصفُ ديةِ أنملةٍ، وزيادةُ حكومةٍ، ولو عاد الجانِي بَعْد قطع إحدى اليَدَيْن، وأخذ الأرش، والحكومة منه، وأراد المجنيُّ عليه القصاصَ، ورد ما أخذه إلى قَدْر الحكومة، هل له ذلك؟ فيه وجهان منقولاَنِ في "النهاية":

أحدهما: لا؛ لأن القصاص يتعلق بقطعِ اليدين جميعًا، وقد سبق منه أخذ الأرش عن إحداهما، وأخذُ الأرش يتضَّمن إسقاط القصاص, ولا عود إلى القصاص بعد إسقاطه.

والثاني: نعم؛ لأن القصاصَ لم يكن ممكناً حينئذ، وإنما أخذ الأرش؛ لتعذُّر استيفاء القصاص، لا لإسقاطه (٢)، فإذا قطع الثانية، حصل الإمكان، ولو قطع صاحب اليدين الباطشتَيْن يدَ معتدلٍ، لم تقطع يده للزيادة، وللمجنيِّ عليه أن يقطع إحداهما، ويأخذ نصف دية اليد ناقصاً بشيء، وإن بادر وقطَعَهُمَا، عُزِّر، وأخذت منه الحكومة للزيادة، وإن كانت إحدَى يدَي القاطع زائدةٌ، وأمكن إفراد الأصلية بالقَطْع، قطعت، ولم يلزمه شيء آخر، وإنْ عرَف أن إحداهما زائدة، ولم يعرف عَيْنُها (٣)، لم تقطع واحدةٌ منهما كذلك، حكاه القاضي الرُّويانيُّ، ولو كانت إحدَى يدَي الشخْصِ باطشة دون الأخرى، فقطعت الباطشةُ، واستوفينا ديتها، فصارت الأخرَىَ باطشةً أو كانتْ


(١) سقط في ز.
(٢) لم يرجحا شيئاً وذكر الإِمام ما يؤخذ منه الترجيح فإنه قال حكاهما صاحب التقريب وقد سبق نظرهما في القصاص في الأنملة الوسطى والعليا ويؤخذ منه التشطير. قاله في الخادم.
(٣) في ز: عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>