للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجديدُ: أن واجبه الحكومةُ؛ كما في سائر العظام، فإن انجبر ولا شين، ولا اعوجاج، فقد مَرَّ حكمه.

والثاني، وبه قال أكثرهم: القَطْع بأنَّ الواجب فيه الحكومة، وحملوا ما رُوِيَ عن قضاء عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى أن الحكومة في الواقعة كانَتْ قدر جَمَلٍ.

ويجوز أن يعلم لفظ "الجَمَل" في الكتاب بالحاء والميم، ولفظ "الحُكُومة" بالألف، وقد يوهِمُ نظم الكتاب ترجيحَ قول الجمل، والظاهر عند عامة الأصحاب القَوْل الآخر.

قال الغَزالِيُّ: الحادِي عَشَرَ الحَلَمَتانِ مِنَ المَرْأَةِ فِيهِمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي حَلَمَتَي الرَّجُلِ قَوْلاَنِ إِذْ لاَ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا.

قَالَ الرافِعِيُّ: في حلمتَي المرأة تمامُ ديتها؛ لما فيهما من الجَمَالِ، ومَنْفَعَة الإِرضاع، وفي إحْداهُما نصْفُها، والحَلَمة هي رأْس الثدْي الذي يلتقمُهُ المرتَضِعُ، ويقال: المجتمعُ ناتئاً على رأس الثدْي، وهذه العبارةُ أحسنُ؛ لتناولها حَلَمَةَ الرجل، قال الإِمام: ولونُ الحَلَمة في الغالب يخالِفُ لون الثدْي، وحوالَيْها دائرةٌ على لوْنها، وهي من الثَّدْيِ، لا من الحلمة، ولو قطع الثَّدْي (١) مع الحلمة، لم يجب إلا الدية، ويدخلُ فيها حكَومةُ الثدْي، وفيه وجهٌ قدَّمناه، وعن الماسرجسيِّ نقله قولاً (٢)، ولو قطع مع الثدْي جلدةَ الصدر، وجبت حكومة الجِلْدة، مع الدية، بلا خلاف، وإن وصلت الجراحةُ إلى الباطن، وجب مع دية الثدْيِ أرشُ الجائفة، وفي حلمتَي الرَّجُلِ طريقان:

أظهرهما: أن فيهما قولَيْنِ:

أحدهما: أنه يجبُ الدية؛ كما في المرأة؛ إلحاقاً باليد والرِّجْل، وغيرهما.

وأصحُّهما: أنه لا يجب إلا الحكُومة؛ لأنه ليس في حَلَمة الرَّجُل منفعةٌ مقصودةٌ وإنما فيها جمالٌ مجرَّد، ويقال: هذا منصوصٌ، والأول مخرَّج.

والثاني: القطْعُ بالقول الثاني.

ولو قَطَع مع حلمة (٣) الرَّجُل الثَّنْدُوَةَ، ففي "التهذيب"؛ أنا إنْ أوجبنا الديَةَ في حَلَمَتِهِ (٤)، دخلَتْ فيها حكومةُ الثندوة، وإلا وجبتْ حكومتهما معًا، وقال الإِمام: تحْتَ


(١) سقط في ز.
(٢) صورة المسألة كما قاله في الخادم أن يتحد القاطع، فلو قطع واحد حلمتها من آخر، وقطع يديها لزم الثاني الحكومة. صرح به القاضي حسين.
(٣) في أ: حلمتي.
(٤) في ز: حلمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>