للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه حكومةٌ، وإنْ مات فعلَيْهِ الديةُ، ونقل الإمامُ وتابعه صاحبُ الكتابِ؛ أن نفْسَ الجناية المفضيَةِ إلى الارتتاق توجب الديةَ، حتى لو حزَّ غيرُه رقبتَهُ، وفيه حياةٌ مستقرةٌ، تجب الدية على الأول، ولو مات بامتناع نفوذِ الطعامِ والشراب، قال الإِمام: إن قلْنا: إنَّ من قطع يدَيْ إنسان أو رجلَيْه، ثم حَزَّ رقبته، لا يجب عليه إلا ديةٌ واحدةٌ، فكذلك ههنا، وإن قلنا هناك: يجب ديتانِ، ولا تداخل، فيجوز أن يقال ههنا: الموتُ بسبب الجوعِ والعطشِ، كسرايةِ الجراحاتِ؛ حتى لا يجبَ إلا ديةٌ واحدةٌ، ويجوز ألا يعدَّ من قبيل السرايات، بل يجعل كالحزَّ، فيجب بإبطال هذه المنفعة أو كسر الرقبة دية، وبإزهاق الرُّوح أخرَى (١)، [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: وَفِي الإِفْضَاءِ كَمَالُ الدِّيَةِ عَلَى الزَّوْجِ والزَّانِي جَمِيعاً وَهُوَ أَنْ يتَّحِدَ مَسْلَكُ الجِمَاعِ وَالغَائِطِ، وَلا يَنْدَرجُ تَحْتَهُ المُهُرُ، وَلا يَنْدَرجُ أَرْشُ البَكَارَةِ تَحْتَ المَهْرِ، وَلَوْ أَزالَ الزَّوْجُ بَكارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِ فَفِي أَرْشِ البَكَارَةَ خِلاَفٌ, وَمَهْمَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ لاَ تَحْتَمِلُ الوَطْءَ إلاَّ بِالإِفْضَاءِ فالْوَطْءُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ، فَإنْ كَانَ سَبَبُهُ ضِيقَ المَنْفَذِ فَهُوَ كَالرَّتْقِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرَ الآلَةِ فَهُوَ كالْجَبِّ فِي إِثْبَاتِ الخِيارِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه ثلاث مسائل:

احداها: نصَّ الشافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى أن في إفضاء المرأة ديتَهَا، وذلك لما فيه من فواتِ منْفعةِ الاستمتاعِ أو اختلالِه: وقد رُوِيَ عن زيدِ بنِ ثابتٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ في الأفضاءِ الديةَ.

واختلفوا في حقيقته، فقال قائلونَ: الإفضاء أن يرفع الحاجزُ بين مدخل الذَّكَر، وهو في أسفلِ الفرج، ومنه يخرُجُ الولد، وبين مخْرَج البول، وهو ثقبةٌ في أعلاه، وقال آخرون: هو رفع الحاجزِ بين مَسْلَك الجماعِ ومخْرَج (٢) الدبر.

واحتجَّ للأول؛ بأنهم صوَّروا الإفضاءِ بالوطء، ومدخلُ الذكرِ ومخرجُ البولِ متقاربانِ، فقد يفضي الوطء إلى رفع الحاجِز بينهما، والقبل والدبرُ متباعدان، وبينهما حاجزٌ قويٌّ من الأعضاء (٣) الغليظة فلا يكاد يزولُ بالوطء، وبأنهم تكلَّموا في استمساك البَوْل واسترساله، إذا حصل الإفضاء عَلَى ما سيأتي، إن شاء الله تعالَى، وذلك يشعرُ بانخراق ثقبة البولِ، إذا وجد الإفضاء، وبهذا قال الشيخ أبو حامد، وتابعوه، وهو الذي رجَّحه صاحبُ "التهذيب" وغيره.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في أ: أعصاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>