للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصليٌّ أم لا، وإن قلنا: إنه رفع الحاجز بين القُبُل والدبر، ففيه اختلافٌ، ولو أزيلت البكارةُ من فرج المشكِلِ، فيجب حكومة الجِراحةِ، من حيث هو جراحة، ولا تعتبر البكارةُ؛ لأنه لا يتحقَّق كونه فَرْجاً.

قال الغَزَالِيُّ: العَاشِرَةُ فِي مَنْفَعَةِ المَشْيِ والبَطْشِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَبَطَلَ مَشْيُهُ وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي تَكْمِيلِ الدِّيَةِ فِي الرِّجْلِ المُعَطَّلَةِ بِخَلَلٍ فِي غَيْرِ الرِّجْلِ خِلافٌ سَبَقَ، وَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَبَطَلَ مَشْيُهُ وَمِنَيُّهُ فَفِي الانْدِراجِ خِلاَفٌ إِذِ الصُّلبُ كَأَنَّهُ مَحَلٌّ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في البطْشِ الديةُ بكمالها، وكذلك في المشْي؛ لأنهما من المنافع الخطيرة، فإذا ضَرُبَ يديه، فشَلَّتا، فعليه الديةُ، وإذا ضرب على أصْبع، فشَلَّت، فعليه ديةُ الأصبعِ، ولو كسر صلبه، ففات مشيه، والرِّجْل سليمة، وجبت الديةُ، ويحتجُّ له بما رويَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في كتاب عَمْرو بن حَزْمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "وفي الصُّلْبِ الدِّيَةُ" ولا تؤخذُ الديةُ؛ حتى تندمل، فإن انجبر، وعاد مشيه، كما كان، فلا دية، وعليه الحكومة، إن بقي له أثرٌ، وكذا لو انتقصَ مشيه، بأن كان يحتاجُ إلَى عصًا، أو يمشي مُحْدَوْدِبًا (١)، ولو كسر صُلْبُه، وشَلَّت رِجْله، قال في "التتمة": يلزمه الدية؛ لفوات منفعة المشي، وحكومةٌ؛ لكسرِ الظهر، ويخالف ما إذا كانت الرجلُ سليمةً؛ حيث لا يجبُ مع الدية حكومةٌ؛ لأن المشيَ منفعةٌ في الرجل، وإذا شَلَّت الرجل، ففواتها لشلَلِ الرجلِ، فأفرد كسر الصلب بالحكومة، وإذا كانت سليمةً، ففوات المشي لخللِ الصُّلب، ولا يفرد بحكومة، ويوافق هذا ما ذكره ابن الصَّبَّاغ؛ (٢) أنه لو كسر صلبه، فشَلَّ ذكره، يجبُ حكومة للكَسْر، وديةٌ لشللِ الذكر، وفي هذا تصريحٌ بأن مجرَّد الكسر لا يوجب الديةَ، وإنما يجب الدية، إذا فات به المشْيُ، أو الماءُ، أو الجماعُ على ما سبقَ، وإذا ادَّعَى المجني عليه ذَهَابَ المشي، وكذبه الجاني، امتحن؛ بأن يقصد بالسيف في غفلة منه، فإن تحرَّك، ومشى، ظهر كذبه، وإلا حَلَف وأخذ الدية، ولو ذهب بكسر الصُّلْب مشيه ومَنِيُّهُ (٣)، أو مشيه وجِمَاعُه، ففيه وجهان:


(١) في ز: محدوبًا.
(٢) ما أيد به كلام المتولي بكلام ابن الصباغ في شلل الذكر عجيب، فإن ابن الصباغ جزم بما نقله عن المتولي وقال: إنما وجبت الحكومة لأن الدية وجبت لذهاب منفعة غير خالية في الطهر فلا يدخل فيها أرش الكسر أي ولم تجب الدية في نفس الصلب لأنه مجرد عن إفساد منفعة فيه. ولو فقد ذلك لم يجب إلا الحكومة فكذا إذا ذهبت منفعة من غيره، وأوجبنا ديتها، وعلى ذلك جرى البندنيجي في تعليقه وسليم في المجرد.
(٣) في ز: منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>