أصحهما: أنه يلزمه ديتَانِ؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما مضمونٌ بالدية عند الانفراد، فكذلك عند الاجتماع.
والثاني: لا يجبُ إلا ديةٌ واحدةٌ؛ لأن الصُّلْب محلُّ المني، ومنه يبتدئ المنيُّ، واتحاد المحل يقتضي اتحادَ الدية، ومن قال بالأول، قال: المشيُ في الرِّجْل لا في الصُّلْب، ومنع كون الماء مستقرًا في الصُّلْب، وقال: ليس له محلٌّ مخصوصٌ، إذا أخذ منها البَدَن، وإنما يتولَّد من الأغذية الصحيحة، إذا أخذ منها البدن.
وقوله في الكتاب:"في منفعةِ البطشِ والمَشْيِ كمالُ الدية" أي: في كلِّ واحد منهما.
وقوله:"وفي تكميلِ الديةِ في الرِّجْل المعطَّلة بخَلَلٍ في غير الرَّجْل خِلافٌ سبق"، وقد بيَّناه من قبلُ، ولا حاجة إلَى إعادته في هذا الموضع.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لمَّا فرغ من الكلام فيما يقابَلُ بالدية فيما دُونَ النفْسِ من الأجْرَام واللطائف، بَيَّنَ أنه يجوز أن يجتمعَ على الشخص الواحد كثيرٌ من أسباب الدية؛ بأن بيان منه أجرامٌ، وتزال منافعُ، ولا تسري إلى النفس، بل تندملُ، ثم بين الحكم، إذا سَرَتْ إلى النفس، أو قتله الجاني قبل الاندمال، أما الدياتُ المجتمعةُ، فقد ذكر أنه يتصوَّر في شخص واحد قريبٌ من عشرين ديةً جميعًا، وإذا تأمَّلت ما سبق، وجدْتَها أكثرَ من ذلك، وهي هذه الأذنانِ، أو إبطالُ حسِّهما، وَالعينان، أو البَصَر، والأجفان، والمَارِن، والشَّفَتَان، واللِّسان، أو النّطْق، والأَسْنَان، واللَّحْيَان، واليدان، والرجلان (١)، والذَّكَر، أوالأُنْثَيَيان، والحَلَمَتان، والشُّفْران، والألْيَان، والعَقْل، والسَّمْع، والشَّمّ، والصَّوْت، والذَّوْق، والمَضْغ، والإمناء، والإحْبَال، وإبطالُ لذَّة الطَّعام، أو لذَّةِ الجمَاعِ، والإفضاءُ في المرأة، والبَطْش، والمَشْيُ، وقد يضافُ إليها موجباتُ الحكوماتِ، والمواضحِ، وسائرِ الشَّجَّات، والجوائفِ، ويجتمع مالٌ كثيرٌ لا ينحصِرُ.