الظن؛ أن الهلاكَ الحاصلَ في الواقعة، حصل به، فهو شبه عمد، إذا كان بقصد الشخص، وهو كالصياحِ بالصغيرِ، وتهديدِ الحامل، وإن كان يتردد في حصول الهلاك به في الواقعة، مع كونه محتملاً، ففيه وجهانِ، منهم مَنْ ينفي الضمان فيه، ويتمسَّك بأن الأصل براءة الذمة، ومنهم من يوجِبُ الضمان، ويقول: هذا محتملٌ وغيره غير معلومِ الوجودِ، ولا بد من سبب، فيحال على هذا المحتمل.
وقوله:"ما يظهر كونه سببًا" أي: يظن أن الهلاك حصل به.
وقوله:"وما يشكّ في كونه سببًا"، أي: يتردَّد في أن الهلاك في الواقعة، هل حَصَل به.
وقوله:"على السبب الظاهرِ" ليس المرادُ الذي ظهر؛ أنه سبب الهلاك في الواقعة؛ فإن ذلك يناقض التَردد فيه، وإنما المراد السببُ المعلومُ وجودُه، هذا ما يدلُّ عليه لفظه هاهنا، وفي "الوسيط" هذا تمامُ الكلامِ في الطَّرَف الأول.
واعلم أنه رتَّب القول في القسم الثاني عَلَى أربعة أطراف:
أحدها: في السبب وتمييزه عما ليس بسببٍ، وقد يتخيل أنه سبب، وقد فرَغْنا منه.
والثاني: فيما إذا اجتمع العلَّة والذي نسميه سببًا أو شرطًا، ثم يناط الضمان.
والثالث: فيما إذا اجتمع سبَبَانِ، وأحدُهُما راجحٌ، يحَالُ الضمان عليه.
والرابع: فيما إذا اجتمعا معًا، وهما متقاربان (١) فيحكم بالشركة، [والله أعلم].
قَالَ الرَّافِعِيُّ: حفْرُ البئرِ الذي هو شرْطٌ أو سببٌ، مع التردِّي الذي هو علَّة الهلاك، إذا اجتمعا، نُظِر؛ إن كانت العلَّة عدوانًا؛ بأن حفر بئرًا، فَرَدِيَ فيها غيره