للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالضمان (١) عليه، ولو غلبته دابَّته، فاستقبلها إنسانٌ، وردها، فأتلفت في انصرافها، فالضمانُ على الرادِّ، ولو كان رجلٌ يحمل رجلاً، فجاء آخر وقرص الحامل، أو ضربه، فتحرَّك، فسقط المحمولُ من ظهره، قال في "التتمة": هو كما لو أكره الحامل (٢) على إلقاء المحمول عن ظَهْره [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَرْجِيحِ سَبَبٍ عَلَى سَبَبٍ وَمَهْمَا اجْتَمَعَ سَبَبانِ مُخْتَلِفانِ قُدِّمَ الأَوَّلُ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَنَصَبَ آخَرُ حَجَرًا فَتَعَثَّرَ بِالحَجَرِ وَوَقَعَ فِي البِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الحَجَرِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الحَجَرُ بِسَبَبِ السَّيْلِ عَلَى طَرَفِ البِئْرِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِ الحَافِرِ، وَلَوْ سَقَطَ فِي بِئْرِ عَلَى سِكِّينٍ مَنْصُوبٍ فالضَّمَانُ عَلَى الحَافِرِ لاَ عَلَى ناصِبِ السِّكِّين، وَلَوْ حَفَرَ بِئْر قَرِيبُ العُمْقِ فَعَمَّقَها غَيْرُهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الأَوَّلِ فِي وَجْهٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُما يَشْتَرِكانِ لِتَناسُبِ الْجِنايَتَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اجتمع سَبَبَا هَلاَكٍ، يقدَّم الأول منهما؛ لأنه المُهْلِك؛ إما بنفسه، أو بواسطة الثاني، فيشبه التردَيَة مع الحفر، فلو حَفَر بئرًا في محلِّ عدوان أو نصبِ سكِّينًا، ووضع آخر حجرًا، فتعثَّر بالحجر، ثم وقع في البئر، أو على السِّكِّين، فمات، فالضمان يتعلَّق بواضع الحَجَر، وفي "البيان"؛ أنَّ أبا الفيَّاض البَصْرِيَّ قال: يتعلَّق الضمانُ بناصب السِّكِّين، إذا كان قاطعًا موحيًا، فإنه أقوى، والمشهورُ الأول؛ لأن التعثُّر بالحجر هو الذي ألجأه إلى الوقوع في البئر أو على السكين، فكأنه أخذه (٣) فردَّاه في البئْر، أو ألقاه على السِّكِّين، وهذا كما أنه لو كان في يدهِ سكِّينٌ، فألقى عليه رجلٌ إنسانًا، يجب الضمان والقصاصُ على المَلْقِي، ولو أهوى إليه مَنْ في يده السِّكِّينُ، ووجْهُه نحوه، لما ألقاه الملْقِي، كان القصاصُ على صاحبِ السِّكِّين، هذا إذا كانا متعدِّيَيْن، ولو حفر بئرًا، أو نصب سكيناً في ملكه، ووضع متعدِّيه حجرًا، فتعثر بالحَجَر، ووقع في البئر، أو على السِّكِّين، فكذلك يكون الضمان عَلَى واضع الحَجَر، ولو وضع حَجَرًا في مِلْكه، وحَفَر متعدٍّ هناك بِئْرًا، أو نصب سِكِّينًا، فتعثَّر بالحجر، أو وقع في البِئرِ، أو على السِّكِّينِ فالمنقول أنه يجب الضمانُ على الحافر، وناصب السِّكِّين، فإنه المتعدِّي، وإنما يجعل الضمان على واضع الحَجَر، إذا كان متعدِّيًا، وينبغي أن يقال: لا يجب الضمانُ على الحافرِ، وناصبِ السِّكِّين؛ كما يذكر في مسألة السبيل على الأثر، ويدلُّ عليه أن أبا سَعْدٍ المتولِّيَ قَالَ في "التَّتِمَّة": لو حفر بئرًا في


(١) ما ذكره الشيخ هو المعتمد وليس مخالفاً لما ذكره في ضمان البهائم وذكر في الخادم كلامًا غير محرر والموجود في الروضة في البائن سواء سوى أنه عبر هنا بإذن المالك وهناك بإذن الراكب.
(٢) في ز: الحاصل.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>