للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقلتها، كما لو جَنَتْ على حامل أخرَى، فلا يهدر من الغُرَّة شيء، وأما الدية، فتجب نصفها، ويهدر نصفها على ما مَرَّ.

الخامسة: إذا اصطدم عَبْدَانِ، فمات أحدهما، وجب نصف قيمته متعلقاً برقبة الحيِّ، وإن ماتا، فهما مهدران؛ لأن ضمان جناية العبد تتعلَّقَ برقبته، فإذا فاتت الرقبة، فَاتَ محلُّ التعلُّق، ولا فرق بين أن تختلف القيمتانِ، أو تتَّفقا، وإن اصطدم حُرٌّ وعبْدٌ، ومات العبد، فنصفُه هَدَر، ويجبُ نصف قيمته، ويكون على الحر أو على عاقلته، فيه الخلافُ في أنَّ قيمة العَبْد، هَل تتحمَّلها العاقلة، وإن مات الحرُّ، وجب نصف ديته متعلقاً برقبة العبد، وإن ماتا معاً، فإن قلنا: قيمة العبد لا تتحمَّلها العاقلةُ، وجب نصف قيمة العبد في تركة الحُرِّ، ويتعلَّق به نصف دية الحُرِّ، فإنه كان يتعلَّق برقبة العبد، فإذا فاتت، تعلَّق ببدلها كَمَا أن العبد الجانِيَ الذي تعلَّق الأرش برقبته إذا قيل: ينتقلُ التعلُّق إلى قيمته، ثم إن تساويا، قال الأئمة: يتقاصَّان، وليحملْ ذلك عَلَى أنَّه يقع في صورة التقاصِّ، ثم إنما يكون ذلك إذا اتَّحَدَ الجنسُ، بأنْ أعوزت الإبل، ورجع الواجب إلى نقد البلد، وإلا فالدية الإبلُ، وقيمةُ العبدِ نقْدُ البلد، وإذا اختلف الجنْسُ، لم تكن الصورة صورةَ التقاصِّ، وإن كان نصف القيمة أكثرَ، فللسيد أخذُ الزيادةِ من تركة الحُرِّ، وإن كان نصفُ الديةِ أكثرَ، فالزيادة مهدرةٌ؛ لأنه لا محلَّ تتعلَّق به، وإن قلْنا: إن قيمة العبد، تتحمَّلها العاقلةُ، فنصف قيمة العبد على عاقلة الحُرِّ، ويتعلَّق به نصفُ دية الحر، كما ذكرنا، فيأخذ السيد من العاقلَةِ نصفَ القيمةِ، ويدفع نصف الدية إلى الورثة، إما من عين المأخوذِ، أو غيره، ولا تقاصَّ (١) ههنا؛ لأنَّ المستحَقَّ عليه غير المستحِقِّ إلاَّ أن يكون الورثةُ هم العاقلةَ، قال الإِمام: والوجه أن يثبت لورثة الحرِّ مطالبةُ العاقلة بنصْف القيمة، وإن كان المِلْك فيه للسيد، ليتوثَّقوا به، وكذلك إذا تعلَّق الأرش برقبة عبْدٍ، فجاء أجنبيٌّ، وقتل العبد يثبت للمجنيِّ عليه مطالبة قاتِلِ الجاني بالقيمة، ويثبت للمرتَهن مطالبةُ قاتلِ العبدِ المرهُونِ بالقيمة، ليتوثَّق به، وليكنْ هذا مبنيّاً على أنَّه، هل للمرتهن أن يخاصم الجانيَ، وفيه خلافٌ ذكرناه في الرهْنِ، وقلنا: إن الأصحَّ أنَّه لا يخاصم، وبتقدير أن يخاصم، ويأخذ؛ فأما أن يصير المأخوذُ ملكًا للراهن، أو لا يصير ملكًا له؛ فإن لم يَصِرْ ملكًا له، فكيف يتوثَّق بما ليس ملكًا للراهن، ولا أَذِنَ في التوثق المالك، وإن صار ملْكاً له، ففيه جَعْل المرتهن نائباً عنه نيابةً قهريةً، وهو بعيد.

السادسةُ: إذا اصطدمَتْ مستولَدَتَانِ لشخصَيْن (٢)، وماتتا، فنصف قيمةِ كلِّ واحدة منهما هَدَرٌ لشركتها الأخرى في قَتْل نفسها، ويجب نصفُ قيمتها على سَيِّد الأخرَى؛


(١) في ز: يقاص.
(٢) في ز: لشخصين وماتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>