وإن كانت إحدى المستولَدَتَيْن حاملاً دون الأخرى، فألْقَتْ جنينها، فنصف الغُرَّة على سيد الحامل، فإن كانت له جَدَّة، فلها من ذلك النصفِ نصْفُ سُدُس الغُرَّة، والباقي لسيد الحامل، وعليه للجَدَّة نصفُ سدس أيضاً؛ ليكمل لها سدس الغُرَّة، [والله أعلم](١).
وقوله في الكتاب:"ففي تركة كلِّ واحدةٍ أربع كفارات" يجوز أن يُعْلَم بالواو؛ لما بيَّنَّا من الخلافِ، ويجوز ألا يُعْلَم، ويكتفي بأنَّ وجوب الأربعِ بُنِيَ على أن الكفَّارة لا تتجزأ، وأن قاتل النفْسِ تلزمه كفَّارة، وقد تعرَّض لما فيه من الخلاف، فأشْعَر ذلك بالخلاف في وجوب الأرْبَع، وأغْنَى عن الإِعلام، وليرد قوله:"على الأَصَحِّ" إلى المسألتَيْن؛ قاتل النفس، وتجزؤ الكَفَّارة.
وقوله:"وعلى عاقلةِ كلِّ واحد غُرَّةٌ، نصْفُها لهذا الجنين، ونصفُها للآخر" الغُرَّة على ما سنبيِّن عبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، وقد توهِمُ اللفظةُ المذْكُورة وجوبَ رقيقٍ نصفُه لهذا، ونصفُه لذاك، ولا معنى لوجوب نصفَيْ رقيقٍ واحدٍ، بل له أن يسلم نصْفَ رقيقٍ عن أحدِهما، ونصف رقيقٍ عن الآخر، فكان الأولى أنْ يقول: نصْفُ غُرَّة لهذا، ونصفُ غُرَّة لهذا.
وقوله:"في تركة الحُرِّ" مُعْلَم بالواو؛ للخلاف الذي ذكرناه في أنَّ قيمة العَبْد، هل تضرب على العاقلة.
وكذا قوله:"تقاصَّا"؛ للخلاف المشهور في التقاصِّ.
وقوله:"ولا يجب عَلَى سَيِّد المستولَدَة إلاَّ أقلُّ الأَمْرَيْنَ"؛ لخلافٍ قد أشرنا إلَيْه، وسيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالَى.
وقوله:"ولكنَّه يستحقُّ سبعين"، يعني: صاحبَ الخسيسة، والمعنَى أن السِبْعِينَ تصير قصاصاً بالسبعين، فيفْضُل لصاحب النفيسة ثَلاثُون، وهذا ما أطلقه عامَّة النَّقَلَة تفريعاً على قول التقاصِّ، واستدرك أبو سعْد المتولِّي، فقال: حصولُ التقاصِّ في الغُرَّة يبنى على أنَّه، هل يجوزُ الاعتياضُ عنها، والحكم في الاعتياضِ عنها كالحُكْم في الاعتياضِ عن إبلِ الدِّية، فإن جوَّزناه حصَل التقاصُّ، وإلاَّ فما لا يجوز أن يجعلَ عوضاً بالتراضِي، لا يصيرُ عوضاً بالشرع، والله أعلم.