للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحُّهما: أنَّه يجبُ جميع الضمانِ؛ لأن فيه تخليصَ غَيْرِ مالكِ المتاع، وهو يلقي بقَصْد الالتزام.

والثاني، وبه قال القاضي الحُسَيْن: أنَّه يقسِّط المال المُلْقَى على مالكه، وعلى سائرِ من فيها، فيسقط قسْطُ المالك، ويجب الباقي، فلو كان معه واحدٌ، وجب نصف الضمان، ولو كان معَهُ اثنانِ، يجب ثلثاه، ولو كانوا عشرَةً، وجب تسعة أعشارِهِ، وسقط العُشْر، وعلى هذا.

والخامس: إذا كان في الإلقاءِ تخليصُ الملتمِس وغيره بأن التمس بَعَضُ (١) الركْبَانِ من بعض، فيجب الضمانُ على الملتمس؛ لأَن له غرضاً (٢) في تخليصه، وتخليص غيره؛ قال الإِمام: ويجيءُ الوجهانِ في أنَّه، هل تسقط حصَّة المالك، ويجيئان أيضاً فيما إذا كان الملتمس خارجَ السفينةِ؛ ومُلْقِي المتاعِ من الركبان.

ومن مسائل الفَصْلِ، لو قال: "أَلْقِ مَتَاعَكَ في البَحْر، وأَنَا ورُكبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ، كلُّ واحدٍ منا على الكَمَال"، أو قال: "عَلَيَّ أنِّي ضامنٌ" فكلُّ واحد منهم ضامنٌ، فعليه ضمَانُ الجميع، ولو قال: "أنا وَهُمْ ضامنُونَ؛ كلُّ واحدٍ منا ما يخُصُّهُ"، لزمه بالحصَّة، وبمثله أجيبَ فيما إذا قال: "أنا وهُمْ ضامنُونَ"، واقتصر عليه، ولو قال: "أنا ضامِنٌ ورُكْبَانُ السَّفينة، أوْ "عَلَيَّ أنْ أضْمَنَهُ وركْبَانُ السَّفينةِ أو قال: "وأنا ضامِنٌ، وهم ضامِنُونَ" ففيه وجْهَان:

أظهرهما: أنَّه يلزمه جميعُ الضمانِ؛ لأنه قال أولاً: "أنَا ضامنٌ"؛ ولهذا لو اقتصر عليه، لزمه (٣) الجميع.

والثاني، وينسب إلى اختيار المزنيِّ: أنَّه لا يلزمه إلاَّ ما يخصُّه؛ لاحتمال اللفظ، ثم قوله: "وهم ضامِنُون" إمَّا للجميع أو للحصَّة، إن قَصَدَ به الإخبار عن ضمانٍ سَبَقَ منهم، واعترفوا به، توجَّهت المطالبة (٤) عليهم، وإن أنْكَروا، فهم المصدَّقون، وإن قال: أردْتُ إنشاءَ الضَّمان عَنْهُمْ، فعَنْ بعض الأصحاب؛ أنهم إنْ رَضُوا به، ثبت المالُ عليهم أيضاً، والظاهرُ خلافُهُ؛ لأنَّ العُقُودَ لا تُوَقَّفُ عَلَى أصْل الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وهذا ما ارتضاه القاضي الحُسَيْن، والإِمام، وقرب في "الوسيط" الأول، وقال: يلزمهم المالُ، وإن كنَّا لا نقولُ بوَقْفِ العقودِ؛ فإنَّ هذا مبنيٌّ على المسامَحَة للحاجَة، ولو قال: أَنَا وهُمْ ضُمَنَاء، وضَمِنْتُ عنْهم؛ بإذنهم، فيطالَبُ هو بالجميعِ؛ بقوله، وإذا أنْكَرُوا الإذْنِ، فهم المصدَّقون؛ حتى لا يرجع علَيْهم، ولو قال: أنَا وهُمْ ضمناً، وأصحِّحه مِنْ مالهم، فقد


(١) في ز: أخص.
(٢) في ز: غرض.
(٣) في ز: يلزمه.
(٤) في ز: الطلبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>