للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوبُ القِصَاصِ، وهو كما لو قال المُكْرِهُ: "اقْتُلْ هؤلاَءِ" فقتلَهُمْ، يجبُ القصاص علَى المُكْرِهِ، ولا أثر لاختيار المُكْرَهِ في التقديم والتأخير، [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ جَرَحَ مُرْتَدَاً فَأَسْلَمَ ثُمَّ عَادَ الجَارحُ مَعَ ثَلاَثةٍ فَجَرَحُوهُ فَالجُنَاةُ أَرْبَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَالجَانِي فِي الحَالَتَيْنِ لَزِمَهُ الرُّبعُ بِجِرَاحَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مُهْدَرَةٌ فَيَعُودُ حِصَّتُهُ إِلَى الثَّمَن، وَقِيلَ: يُوَزَّعُ عَلَى الجِرَاحَاتِ وَيُقَالُ: الجِرَاحَاتُ خَمْسٌ فَيَسْقُطُ الخُمُسُ وَيَبْقَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأَرْبَعَةِ خُمُسُ الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ العَبْدِ الجَانِي فَجَنَى بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأرْشُ اليَدِ يَخْتَصُّ بِهِ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلاً وَالبَاقِي يُشَارِكُهُ فِيهِ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ ثَانِياً لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الجِنَايَتَيْنِ وَقَطَعَ بَعْدَ إِحْدَى الجِنَايَتَيْنِ وَإنْ فَضَلَ مِنْ أَرْشِ الأُوْلَى فَالفَاضِلُ مِنْ أَرْشِ الطَّرَفِ للسَّيِّدِ وَقِيمَةُ النَّفْسِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَانِياً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْلِ مسألتان مِنْ مولَّدات ابْنِ الحدَّاد:

إحداهما: لو جرح مرتدّاً بقَطْع يده أو بجراحةٍ أخرَى، فأسلم المرتدُّ، ثم عاد الجانِي، وجرحَه جراحةً أخرَى، وجرحه ثلاثة آخرون، فمات نُظِرَ؛ إن وقعت الجراحاتُ الأربعُ بعد إندمالِ الأولَى، فعليهم الديةُ أرباعاً، وإن وقعتْ قبل اندمالِها، ومات من الجراحاتِ الخُمْس، ففيما يجب عليهم وجْهان:

أظهرهما: وبه قال ابن الحَدَّاد: أنَّه ينظر إلى عدد الجارِحينَ، وهم أربعة، فيخص (١) كلّ واحد منهم رُبُع الدية ولكن يعودُ ما على الجارحِ في الحالتَيْن إلَى الثُّمُن؛ لأن الجراحة في حالة الردَّة مُهْدَرَة.

والثاني: أنَّه ينظر في الجراحاتِ، وهي خمسٌ، فيسقط خمس الدِّية؛ لوقوع إحداهما (٢) في حال الإِهدار، ويجب عَلَى كلِّ واحدٍ منهم الخمُسُ؛ لأن الجراحتَيْن من الواحد في حالتَيِ العصْمةِ والإِهدار؛ كالجراحتين من شخصَيْنِ (٣).

ولو جرحه خمسةٌ، أحدهم في الردَّة، والباقون بَعْد الإِسلام، سقط خُمُسُ الدية، وكان عَلَى كلِّ واحد من الأربعة الخُمُس، فكذلك ههنا؛ ويدل عليه أنَّه إذا حصل الموتُ بالجراحة في الردَّة، والجراحة في الإِسلام، نقصت جراحةُ الردَّة حصَّة جراحة الإِسلام، سواءٌ صدرت الجراحتانِ منْ واحد، أو مِنِ اثنَيْن؛ ألا تَرَى أنَّه لو جرح الشخْصُ في ردَّته، ثم جرح بعد الإِسلام، ومات من الجراحتَيْن، يكون حصَّة جراحة الإِسلام نصْف الدية، سواءٌ كان الجرْحُ الثاني صادراً من الجارح الأول أو من غيره، فإذا


(١) في ز: فيختص.
(٢) في ز: إحديهما.
(٣) في ز: شخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>