للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَثتُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وأخذت (١) الدية إذا جنى خَطَأً على عصباته، فإن قامت البَيِّنَةُ على أنَّه من قبيلة أخرى، فالحكم لِلْبَيِّنَةِ.

وقوله: "ثم مُعْتِق أَبِ المعتق" ليس على معنى أن الذي يلِي مُعْتِق المعتق وعَصَبَاته هو مُعْتقُ أب المُعْتَقِ، بلَ يتَقَدَّمُ معتق معتق المعتق على مُعْتقِ أَبِ المعتق، على ما هو مُبَيَّنٌ في بَابِ الوَلاَءِ.

قال الغَزَالِيُّ: وإذَا أُعْتِقَت المَرْأةُ لَمْ يُضْرَبْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى عَصَبَاتِهَا كَمَا يُزَوَّجُونَ عَتِيقَتَها، وَالشُّرَكَاءُ فِي عَتْقِ عَبْدٍ وَاحِدٍ كَشَخْصِ وَاحِدٍ لاَ يَلْزَمَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ، فَإنْ مَاتَ وَاحِدٌ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَصَبَاِتِهِ لاَ يَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ المُعْتِقِ لَوْ كَانَ حَيّاً، وَمَا دَامَ المُعْتِقُ حَيّاً فَلاَ يَرْقَى إلَى عَصَبَاتِهِ وَإِنْ فَضُلَ عَنْهُ شَيْءٌ إِذْ لاَ وَلاَءَ لَهُمْ، فَإِنْ مَاتَ فَعَصَبَاتُهُ كَعَصَبَاتِ الجَانِي.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه ثَلاَثُ صُوَرٍ:

إحداها: سنذكر أن شَرْطَ تَحَمُّلِ العَقْل الذُّكُورَةُ، وأن المَرْأَةَ لا تتحمل الدية بِحَالٍ. فإذا أَعْتَقت المَرْأَةُ مَمْلُوكاً لم تتحمل دِيَةَ جِنَايَتِهِ، وإنما يتحملها من يَتَحَمَّلُ الدِّيةَ إذا جنت المُعْتِقَةُ، كما أنها لما لم تكن أهْلاً للتزويج يزوج عتيقها من يزوجها.

الثانية: إذا أعتق الشُّرَكَاءُ عَبْداً، فجنى خَطَأً تَحَمَّلُوا عنه تَحَمُّلَ الشخص الواحد؛ لأن الوَلاَءَ يثبت لجميعهم لا لِكُلِّ واحد فهم.

فإن كانوا أَغْنِيَاءَ، فالمَضْرُوبُ على جميعهم نِصْفُ دينَارٍ، وإن كانوا متوسطين، فَرُبُعُ دِينَارٍ، وإن كان بعضهم أَغْنِيَاءَ، وبعضهم مُتَوَسِّطِينَ، فعلى الغني حِصَّتُهُ في النصف لو كان الكل أَغْنِيَاءَ، وعلى المتوسط حِصَّتُهُ من الرُّبُع لو كان الكل متوسطين.

وإذا كان المُعْتقُ وَاحِداً، وقد مات، وله عَصَبَاتٌ كالإِخْوَةِ مثلاً، فيضرب على كل واحد منهم حِصّته تامة على ما تَقْتَضِيه حَالُهُ من الغِنَى والتَّوَسُّطِ، ولا يقال: يوزع عليهم ما كان يتَحَمَّلهُ المعتق في حَيَاتِهِ، كتوزيعنا القدر (٢) المتحمل فيما لو أعتق الشُّرَكَاءُ عَبْداً؛ لأن الوَلاَءَ لا يَتَوَزَّعُ عليهم تَوَزُّعَهُ على الشركاء، ولا يرثون الوَلاَءَ في المعتق، إنما يَرِثُون بالوَلاَءِ، والسبب المحدث لهم انْتِسَابُهُم إلى من له الوَلاَءُ، فالوَلاَءُ في حقهم مُشَابِهٌ للنَّسَب، ومن يتحمل بالنسب نِصْفَ دِينارٍ، يَتَحَمَّلُ كُلُّ واحد من المنتسبين إليه مِثْلَ ذلك كالأخ مع بنيه، وإذا مات وَاحِدٌ من الشركاء المعتقين أو جميعهم تحَمُّلَ كُلُّ


(١) في ز: وأحدث.
(٢) في ز: العدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>