للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاني، فيجب في قَطْعِ الأُصْبُعِ عُشْرُ الدِّيَةِ على عاقلته الذميين، وأَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا، وهي تمام النصف في مال الجَانِي. وإن كانت الجِرَاحَةُ بعد الإسْلاَمِ مُذَفَّفَة، فقد ذكر الشيخ أبو علي وغيره أن أَرْشَ الجراحة الوَاقِعَةِ في الكُفْرِ يكونَ على عَاقِلَتِهِ الذميين، والباقي إلى تمام الدِّيَةِ على عاقلته المسلمين.

وفي "النهاية" و"البيان" أن هذا جواب على قول ابن سُرَيْجٍ والإِصْطَخْرِيِّ فيما إذا جَرَحَ، ثم قَتَلَ أنَّه لا يدخل أَرْشُ الجِرَاحَةِ في الدِّيَةِ (١).

أما إذا قلنا: يدخل، وهو الظَّاهِرُ، فجميع الدِّيَةِ على عَاقِلَتِهِ المسلمين، ولو أنَّه عاد بعد الإسْلاَمِ وجرحه مع آخر خطأ، فيبنى على الخِلاَفِ الذي سَبَقَ في أن الدية توَزَّعُ على الجارحين، أو على الجِرَاحَاتِ.

فإن قلنا: على الجَارِحِينَ، وهو الأظْهَرُ، فعليه نِصْفُ الدِّيَةِ، والنصف يلزمه (٢) بالجرَاحَتَيْنِ، مَحِصَّةُ جِرَاحَةِ الإِسلام، وهي الرُّبُعُ على عَاقِلَتِهِ المسلمين، وينظر في جِرَاحَةِ الكُفْرِ، فإن كان أَرْشُهَا مِثْلَ ربع الدِّيَةِ أو أَكْثَرَ، فعلى عاقلته الذِّمِّيِّينَ الرُّبُعُ أيضاً، وإن كان دون الرُّبُعِ، فعليهم قَدْرُ الأَرْشِ، وهو الزِّيَادَةُ إلى تمام الرُّبُعِ في مال الجاني.

وإن وَزَّعْنَا على الجِرَاحَاتِ، فَثُلُثُ الدِّيَةِ، وهو حِصَّة جِرَاحَةِ الإِسلام على عاقلته المسلمين، فينظر في جِرَاحَةِ الكُفْرِ، فإن كان أَرْشهَا مِثْلَ ثلث الدية أو أكثر، فعلى عَاقِلَتِهِ الذميين الثُّلُثُ أيضاً، وإن كان أَقَلَّ فعليهم الأرْشُ، والباقي إلى تَمَامِ الثلث في مَالِ الجاني.

ومنها: لو جَرَحَ إِنْسَاناً خَطَأٌ، ثم ارْتَدَّ، ثم مات المجروح بالسِّرَايَةِ، فأرش الجِرَاحَةِ على عَاقِلَتِهِ المسلمين، والباقي إلى تَمَام الدِّيَةِ في مال الجَانِي، فإن كان أَرْشُ الجِرَاحَةِ مِثْلَ الدِّيَةِ أو أكثر، كما إذا كان قد قَطَعَ يَدَيْهِ ورجليه، فَقَدْرُ الدِّيَةِ، وهو الواجب يَلْزَمُ العَاقِلَةَ، ولو جرح وهو مُرْتَدُّ، فَأسْلَمَ، ثم مات المَجْرُوحُ، فالدِّيةُ في مَالِهِ؛ إذ لا عاقلة للْمُرْتَدِّ، ولو جرحه وهو مُسْلِمٌ، فَارْتَدَّ الجَارحُ، ثم عاد اِلى الإِسْلاَمِ، ثم مات المَجْرُوحُ.

قال الشيخ أبو علي: في المسألة (٣) قولان:


(١) وهذا فيه منازعة لأنا وإن قلنا بالتداخل فلا يقطع النظر عن حكم تعلق بالجرح بالنسبة إلى العاقلة ونحوه، ولهذا لو قطع يد إنسان خطأ ثم حز رقبته عمداً وعفى الولي عن القصاص وقلنا بالتداخل فإن النص أنَّه يجب نصف الدية مخففة على العاقلة والنصف مغلظة على الجاني وإن قلنا بالتداخل.
(٢) في ز: يلزم.
(٣) قال الشيخ البلقيني: الذي قاله الشيخ أبو علي موجود في الأم في ترجمة ردة المسلم قبل ما يجني وبعدما جنى وردة المجني عليه بعد ما يجني عليه ثم ساق النص ثم قال: والقولان مطلقاً والأصح التحمل ولم يصرح في الكتاب بتصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>