للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشيء التَّافِهِ" (١). وعند أبي حنيفة يُؤْخَذُ من كل وَاحِدٍ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ إلى أربعة، ويسوى (٢) بين المُوسِرِ وغيره، واحتج الأَصْحَابُ بأنه حَقٌّ وَجَبَ على سبيل المُوَاسَاةِ، فيختلف (٣) باليَسَارِ، والتَّوسُّطِ كالزكاة.

ويجوز أن يُعْلَمَ في الكتاب لفظ "النصف والربع" بالحاء لما حَكَيْنَاهُ، وبالميم؛ لأن عند مَالِكِ لا يَتَقَدَّرُ الوَاجِبُ، بل هو إلى اجْتِهَادِ الحاكمِ يحمل كل واحد ما يرى أنَّه يَتَحَمَّلُهُ، وبم يَضْبَطُ اليَسَارُ والتَّوَسُّطُ؟

ذكر في "التهذيب" أن الاعْتِبَارَ بالعَادَةِ، وأن ذلك يَخْتَلِفُ بالبُلْدَانِ والأزمان ورأَى الإِمام [أن] (٤) الأَقْرَبَ اعْتِبَارُ ذلك بالزكاة، كما اعْتُبِرَ قدْرُ الوَاجِبِ بالزكاة، فقال: إذا كان يَمْلِكُ عشرين ديناراً في آخر الحَوْلِ، فهو غني، لكن يفارق مَا نحن فيه الزَّكَاة من وَجْهَيْنِ:

أحدهما: أنَّه لا يشترط أن يَمْلِكُ النَّقْدَ، أو شيئاً من الأَمْوَالِ الزَّكَاتِيَّةِ، بل إذا ملك ما يساوي هذا القَدْرَ من سَائِرِ الأَمْوَالِ، كان كما لو ملك هذه الأَمْوَالَ؛ لأن الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، فينظر فيها إلى جِنْسِ المَالِ، وتَحَمُّلُ العَقلِ مَحْضُ مُوَاسَاةٍ.

والثاني (٥): يشترط أن يكون ما يَمْلِكُهُ فَاضِلاً عن مَسْكَنِهِ وثيابه، وسائر ما لا يُكَلَّفُ في الكَفَّارَةِ بَيْعُهُ وصَرْفُهُ إلى ثَمَنِ الرَّقَبَةِ، وهذا لا يشترط في الزَّكَاةِ والمتوسط هو الذي يَمْلِكُ أَقَلَّ من ذلك، لكنه يَفْضُلُ عن حَاجَاتِهِ، ويشترط أن يكون فَوْقَ القَدْرِ المَأْخُوذِ، وهو رُبُعُ دِينَارٍ؛ لئلا يُؤْدِّهِ أخذه منه إلى حَدِّ الفَقْرِ، وهذا ما نَحَا صَاحِبُ الكتاب نَحْوَهُ.

الثانية: الاعتبار فيما يُؤخَذُ كُل حَولٍ بآخر ذلك الحَوْلِ في أمور:

أحدهما: إذا ثَمَّ الحَوْلُ، وهناك إِبْلُ جمعت العاقلة ما عليهم من نِصْفٍ أو ربع، واشتروا به الإبِلَ، وإن لم تُوجَدِ الإبِلُ، فعلى القولين في أن الواجب القِيمَةُ أو بَدْلٌ مُقَدَّرٌ. وإذا تأخرت التَّوْفِيَةُ (٦) بعد الَحَوْلِ، ثم وُجِدَتْ لزمهم الإِبِلُ، وإن وجد بعد أخذ البَدَلِ لم يؤثر.

الثاني: إذا لم يَفِ التَّوْزِيعُ على العَاقِلَةِ بواجب الحَوْلِ أُخِذَ الباقي من بيت المال، ولم يُنْتَظَرْ مُضِيّ الأحوال الثلاثة.


(١) تقدم في اللقطة.
(٢) في ز: ويستوي.
(٣) في ز: فيخلف.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: والثاني.
(٦) في ز: تأخر التوفير.

<<  <  ج: ص:  >  >>