للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُضْرَبُ عَلَى وَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ، وَهُوَ حِصَّةُ كُلِّ سَنَةٍ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّهُ حِصَّةُ جَمِيعِ السِّنِينَ، ثُمَّ إن فَضُلَ مِنَ الأَقْرَبِينَ شَيْءٌ تَرَقَّيْنَا إِلَى مَنْ بَعْدَهُم ثُمَّ إِلَى المُعْتِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبةً أَخَذْنَا بَقِيَّةَ الوَاجِبِ آخِرَ السَّنَةِ مِنْ بَيْتِ المَالِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ المَالِ أَخَذْتَا مِنَ الجَانِي عَلَى أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ حذَاراً منَ التَّعْطيلِ، وَقِيلَ: يُنْتظرُ يَسَارُ بَيْتِ المَالِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاِقلَةَ فَيُطالِبُ بَعْدَ مُضِيِّ الأَجَل إِذْ لاَ يُنْتظَرُ لَهُ بَيْتَ المَالِ، وَكَذَا إِذَا اعْتَرَفَ بالخَطَأِ وَأنْكَرَ العَاقِلَةُ وَلاَ بَيِّنَةَ إذْ لاَ يُنْتظَرُ إقْرَارُ العَاقِلَةِ، فَإنْ أقَرُّوا علَى قُدُورِ وَقَعِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قوله: "والبِدَايَةُ بأقرب العَصَباتِ"، وقوله بعد ذلك: "فإن فَضَلَ من الأَقْرَبِينَ شيء ... " إلى آخره؛ المَقْصُودُ منه (١) بَيَانُ تَرْتِيب العَصَبَات، وقد ذكرنا من قبل عند قوله: "وفي تَقْدِيم الأَخ للأب والأم على الأخ للأب قولان"، وإنما ذكرنا هناك؛ لأن تلك المَسألَةَ تَتَعَلَّقُ بالتَّرْتِيب، وكان الأَوْلَى أن يَجْمَعَ بينهما، وبين سَائِر مسائل التَّرْتِيب. ولْيُعْلَمْ قوله: "والبدايةَ بأقْرَبِ العَصَبَاتِ" بالحاء؛ لما تَقَدَّمَ أن عنده (٢) يسوى بين القريب والبَعِيدِ.

وقوله: "ولا يضربُ على وَاحِدٍ أكثر من نِصْفٍ أو ربع قد صار مَفْهُوماً من قوله في الفَصْلِ السابق: "ويضربُ على الغَنيِّ نِصْف دينار ... " إلى آخره ثم النصف أو الربع حِصَّةُ كُلِّ سَنَةٍ أو الواجب في السِّنِينَ الثلاث النصف أو الربع؟ فيه وجهان:

أصحهما: الأول، فيكون جُمْلَةُ الواجب على الواحد [من] العَاقلَةِ دِينَاراً ونِصْفاً إذا كان غَنِيّاً، ونصفه إذا كان مُتَوَسِّطاً، وَوُجِّهَ ذلك بأنه حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بالحَوْلِ، ويجب على سبيل المُوَاسَاةِ، فَيَتَكَّرَرُ بِتَكرُّرِ الحَوْلِ كالزكاة.

والثاني: ويحكى عن ابن سُرَيجٍ وابن القَاصِّ أن النصف أو الربع وَاجبُ السنين؛ لأن الأَصْلَ عَدَمُ الضرب، فلا يُخَالِفُ إلا في هذا القَدْر، ولو ذكر هذه المَسْأَلَةَ مع بَيَانِ القَدْرِ في الفصل السَّابقِ لكان أَحْسَنَ، ثم في الفصل مَسْأَلَتَانِ:

إحداهما: إذا انتهى التحمل (٣) إلى بَيْتِ المَالِ، فلم يُوجَدْ فيه مَالٌ، هل يُؤْخَذُ الواجب من الجاني؟

فيه وجهان بَنَوْهُمَا على أن الديَةَ تجب على العَاقِلَةِ ابْتِدَاءً، أو تجب على الجاني،


(١) في أ: منهما.
(٢) في ز: غيره.
(٣) في ز: الحمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>