للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى دون القيمة، وفَدَاهَا به، وكان الباقي من القيمة يَفِي بأرْشِ الجِنَايَةِ.

الثانية، فَيَفْدِيَها للجناية الثانية بِأرْشِهَا أيضاً، وإن كان أَرْشُ الجِنَايَةِ الأُولَى مِثْل القيمة، أو أكثرَ منها، أو دونها، إلا أن البَاقِي من القِيمَةِ لا يَفِي بأَرْشِ الجِنَايَةِ الثانية، فينظر أَوَقَعَتِ الجناية الثَّانِيَةُ قبل أن يَفْدِيَهَا السيد عن الأولى (١) أو بَعْدَ أن يَفْدِيَهَا، فهما حالتان:

إحداهما: إذا وقعت قبل الفِدَاءِ، ففيما يَلْزَمُ السَّيد؟ قولان:

أحدهما: أن عليه أن يَفْدِيَهَا لكل جِنَايَةٍ بالأَقَلِّ من قيمتها، وأَرْشِ تلك الجِنَايَةِ؛ لأن الاسْتِيلَادَ السابق كالمَنْعِ من البَيْعِ بعد الجِنَايَةِ، فإذا وجد الاسْتِيلَادُ، وحَصَلَتِ الجِنَايَاتُ كان الاستِيلاَدُ كَمَنْعٍ مُجَدّدٍ عَقِيبَ كُلِّ جناية.

ولو جَنَى القِنُّ، فصنع السيد من بَيْعِهِ، واختار الفِدَاءَ، ثم جَنَى، ففعل السيد مثل ذلك، يَلْزَمُهُ لكل جِنَايَةٍ الأقَلُّ من أَرْشِهَا، ومن قيمته، فكذلك هاهنا.

وأصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أن جميعها كَجِنَايةٍ وَاحِدَةٍ، وليس عليه إلا أَقَلُّ الأَمْرَيْنِ من أرشها، ومن قيمة المُسْتَوْلَدَةِ، والأقل القيمة في التصوير الذي نحن فيه، وذلك لأن الاسْتِيلاَدَ فعل واحد، فيجعل (٢) مَنْعاً واحداً، إلاَّ أن الاسْتِيلاَدَ وإن تَقَدَّمَ على الجِنَايَةِ كالمنع، والتفويت المتأخرين عن الجِنَايَةِ، فليكن بِمَثَابَةِ ما لو جَنَى القِنُّ جِنَايَاتٍ، ثم قتله السيد، أو أعتقه لا يلزمه إلا فِدَاءٌ واحدٌ.

والحالة الثانية: [إذا وقعت الجناية الثانية] (٣) بعد ما فَدَاهَا السيد عن الجنَايَةِ الأولى، فهذه الحالة تَتَرَتَّبُ على الأولى، إن قلنا: يَجِبُ هناك لكل جِنَايَةِ الأَقَلُّ من ارْشِهَا، ومن قيمة المُسْتَوْلَدَةِ، فهاهنا أَوْلَى؛ لأن المَجْنِي عليه الأول قد قبض، ومَلَكَ المَقْبُوضَ، ونَقْضُ مِلْكِهِ بجناية تَصْدُرُ من ممْلُوك غيره بَعِيدٌ، وبتقدير (٤) إلاَّ يوجب لكل جِنَايَةٍ فِدَاءٌ يحتاج إلى النَّقْضِ، والاسترداد على ما سَنُبَيِّنُهُ، وإن جعلنا الجِنَايَاتِ كَجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ هناك، ولم نوجب الفِدَاءَ إلا مَرَّةً واحدة، فهاهنا قولان:

أحدهما -وهو اختيار المُزَنِيِّ والربيع-: أن كُلَّ جِنَايَةٍ تفرد بِفَدَاءٍ، وعليه أن يَفْدِيَ للجناية الثانية بالأَقَلِّ من أرشها، ومن قيمة المُسْتَوْلَدَةِ على نحو فِدَائِهِ للأولى، كما لو جنى (٥) القِنُّ، وفَدَاهُ، ثم جنى ثانياً يَفْدِيهِ بِفِدَاءٍ ثَانٍ إذا لم يسلمه لِلْبَيْعِ (٦)، وفي "أمالي"


(١) في ز: للأولى.
(٢) في ز: فجعل.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: ويتقدم.
(٥) في ز: لو.
(٦) في هامش أ: يفديه بفداء ثان أو يسلم للبيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>