للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشَبَّهَ في الكتاب الوَجْهَيْنِ بالوجهين فيما إذا رَمَى إلى حَرْبِيِّ، فَأَسْلَمَ قبل الإِصَابَةِ، لكن الأَصَحَّ هناك وُجُوبُ الضَّمَانِ، ويشبه أن يكون الوَجْهَانِ هاهنا كالوجهين فيما لو جَرَحَ حَرْبِيّاً، فَأَسْلَمَ قبل الإِصَابَةِ حتى يكون الأظْهَرُ نَفْىَ الضَّمَانِ؛ لأن الجِنَايَةَ قد تَحَقَّقَتْ هاهنا، وأَثَّرَتْ فيها، وفي الجنين، كما أن الجِرَاحَةَ أَثَّرَتْ هناك، والرَّمْيُ لا يؤثر في البَدَنِ، حتى يصيب السهم، فالتشبيه (١) بصورة الجراحة أَفْصَحُ وأَوْلَى من التشبيه بصورة الرَّمْيِ.

وقوله في الكتاب-: "ثم في الجنين الحُرِّ المسلم غرة".

لو قال: "ثم الغرة في الجنين الحر المسلم" كان أَلْيَقَ بمقصود الفَصْلِ؛ لأنه قد سبق ذِكْرُ الغُرَّةِ، وما يوجبها.

والغَرَضُ الآن بَيَانُ أنها تجب في الحُرِّ المسلم، والتَّدرُّجُ منه إلى بيان ما يجب في الكافر والرَّقِيقِ.

وقوله: "والثاني: ثُلُثُ الغرة".

الذي يَتَبَادَرُ إلى الفِهْمِ منه وجوب جُزْءٍ من الغُرَّةِ، وهذا لم يذكره أَحَدٌ، وإنما هو مَحْمُولٌ على إِيجَابِ غُرَّةٍ، قيمتها ثُلُثُ الغُرَّةِ الكاملة على ما بَيَّنَّاهُ.

وقوله: "ففي ضَمَانِ الجنين وجهان" يعني: أَصْلَ الضمان.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا الْجَنِينُ الرَّقِيقُ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الأُمِّ، وَيعْتَبَرَ القِيمَةُ عَلَى الصَّحِيحِ يَوْمَ الجِنَايَةِ، لاَ يَوْمَ الإِجْهَاضِ أَخْذاً بِالأَغْلَظِ، فَلَوْ كَانَ الجَنِينُ سَلِيماً، وَالأمُّ مَقْطُوعَةَ الأَطْرَافِ قُدِّرَتْ سَلِيمَةَ الأَطْرَافِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، كَمَا يُقَدَّرُ إِسْلاَمُهَا وَحُرِّيَّتُهَا إِذَا كَانَ الجَنِينُ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الجَنِينُ مَقْطُوعِ الأَطْرَافِ، فلاَ تُقَدَّرُ الأُمُّ مَقْطُوعَةً عَلَى الصَّحِيحِ، إِذْ ذَاكَ في الجَنِينِ مِنْ أَثَرِ الجِنَايَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجب في الجَنِينِ الرَّقِيقِ عُشْرُ قيمة الأُمِّ، ذَكَراً كان، أو أُنْثَى، أو أَشْكَلَ (٢) حَالُهُ في الذكورة والأُنوثَةِ، يستوي في ذلك ما إذا كانت [الأم] (٣) قِنَّةً، أَو مُدَبَّرَةً، أو مُكَاتَبَةً، أو مُسْتَوْلَدَةً.

وعند أبي حَنِيْفَةَ: يعتبر ضَمَانُ الجَنِينِ بنفسه، فإن كان ذَكَراً، ففيه نصف عشر قيمته لو كان حَيّاً، وإن كان أُنْثَى، فعشر قِيمَتِهَا لو كانت حَيَّةً.


(١) في ز: والتشبيه.
(٢) في ز: أشكلت.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>