للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: لا، فهو لمالك النِّصْفِ، أو لبيت المَالِ؟ فيه خلاف.

وإلى الثاني ذهب الإِصْطَخْرِيُّ.

هذا إذا كان المُعْتِقُ مُعْسِراً، فإن كان مُوسِراً، فإن قلنا: السِّرَايَةُ (١) تَحْصُلُ بنفس الإِعْتِاقِ، أو قلنا: تَحْصُلُ بأداء القيمة، وأداؤها (٢) قبل الإِجْهَاضِ، فعلى الجاني الغُرَّةُ، وتصرف إلى وَرَثَتِهِ. وإن قلنا: تَحْصُلُ بأداء القِيمَةِ، ولم يُؤَدِّهَا حتى أَجْهَضَتْ، فالحكم كما ذَكَرْنَا فيما إذا كان مُعْسِراً.

فإن قلنا: إن العِتْقَ موْقُوفٌ، فإن أَدَّى القِيمَةَ تبين حُصُولُ العتق من وقت اللفظ، فيكون الحُكْمُ على ما إذا فَرَّعْنَا على أن السِّرَايَةَ تحصل بنفس اللَّفْظِ، وإن لم يُؤَدِّ، فكما ذَكَرْنَا فيما إذا كان المُعْتِقُ مُعْسِراً ولو كانت الصُّورَةُ بحالها لكن أعتق أحدهما نَصِيبَهُ، ثم جَنَى عليها، فألقت جَنِيناً ميتاً.

فأما إن جَنَى عليها المُعْتِقُ، أو الشَّريكُ الآخَرُ، أو غيرهما، وإن جَنَى عليها المُعْتِقُ، نظر إن كان مُعْسِراً بَقِيَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مِلْكاً له، فعليه للشَّرِيكِ نِصْفُ عشر قيمة الأُمِّ، وعليه النصف الذي عتق نِصْفُ الغُرَّةِ بلا خلاف، ولمن يكون ذلك؟

ينبني على الخِلاَفِ في أن من بَعْضُهُ حُرٌّ، وبعضه رقيق، هل يورث كما مَرَّ؟ وإن كان مُوسِراً، فإن قلنا: إن السِّرَايَةَ تَحْصُلُ بأدَاءِ القِيمَةِ أو قلنا بالتوقف وأَدَّى القيمة، فَيُغَرَّمُ المُعْتِقُ لشريكه نِصْفَ قيمة الأَمَةِ حَامِلاً، ولا يفرد الجنين بالقيمة، بل يَتبَعُ الأُمَّ في التَّقْوِيم، كما يَتْبَعُهَا في البَيْعِ، ويلزمه بالجناية الغُرَّةُ؛ لأن الجَنِينَ حُرٌّ، وتورَّث الأمُّ منها؛ لَأنها حُرَّةٌ، والباقي بعد نصيبها لِلْعَصَبَةِ، ولا شَيْءَ للمعتق؛ لأنه قَاتِلٌ.

وإن جَنَى الشَّرِيكُ الآخَرُ، فإن كان المُعْتِقُ مُعْسِراً، فَنِصْفُ الجنين مَمْلُوكٌ للجاني، ونصْفُهُ حُرٌّ، وإتْلاَفُهُ مِلْكَهُ مُهْدَرٌ، ويجب نِصْفُ غُرَّةٍ للنصف الحر.

ويعود الخِلاَفُ في أنه لمن يَكُونُ؟

فإن قلنا: مِنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ يُورَثُ، فالغُرَّةُ لِعَصَبَتِهِ، ولا شَيْءَ للأم؛ لأن بعضها رَقِيقٌ، فإن لم يكن له عَصَبَةٌ من الأَقَارَبِ، فهي لِلْمُعْتِقِ.

وإذا قلنا: لا يُورَثُ، فيكون لمالك البَعْضِ الآخَرِ، فلا يَجِبُ هاهنا شَيْءٌ؛ لأنه لو ثَبَتَ لثَبَتَ له، فإنه إنما يَأْخُذُ بحق المِلْكِ بالميراث، فلا يصير القَتْلُ مَانِعاً.

وإن كان المُعْتِقُ مُوسِراً، فإن قلنا: لا تَحْصُلُ السِّرَايَةُ إلا بأَدَاءِ القيمة، أو قلنا: بالتَّوَقَّفِ، ولم تزد القِيمَةُ، فالحكم كما إذا كان مُعْسِراً وإن قلنا: يُعْتَقُ باللفظ، أو قلنا:


(١) في ز: البراءة.
(٢) في ز: وأداها.

<<  <  ج: ص:  >  >>