للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُدَّعِي صَبِيًّا، أو مَجْنُونًا، أو جَنينًا حالَةَ القَتْلِ إذا كان بصفة الكَمَالِ عند الدَّعْوَى، فإنه قد يعرف الحال بالتَّسَامُعِ، ويمكنه أن يحلف في مَظَنَّةِ الحَلِفِ إذا عرف ما يحلف عليه بإقْرَارِ الجاني، أو بالسماع ممن يَثِقُ به، ولذلك نقول: من مَلَكَ عَبْدًا هو أكبر سِنًّا منه، ثم باعه فجاء (١) المشتري يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الإِبَاقِ، له أن يَحْلِفَ بالله تعالى: ما هو آبِقٌ، وإنما يعرف ذلك بِسَماعِ حاله (٢) من غيره.

وكذلك لو اشترى عَيْنًا وقَبَضَهَا، فجاء من يَدَّعَي أنها مِلْكُهُ، ويطالب بالتَّسْلِيمِ، له أن يحلف أنه لا يَلْزَمُهُ التسليم؛ اعْتِمادًا على قول البائع.

والمَحْجُورُ عليه بالسَّفَهِ، تُسْمَعُ منه دَعْوَى الدَّمِ، وله أن يَحْلِفَ ويحلّف، وأن يستوفي القِصَاص.

وإذا آلَ الأَمْرُ إلى المَالِ، فيأخذه الوَلِيُّ، كما في دَعْوَى المال، يدعي السَّفِيهُ، وَيحْلِفُ ويحلَّف، والوَليُّ يأخذ المَالَ.

قال الغَزَالِيُّ: الرَّابعُ أنْ يَكُونَ المُدَّعَى عَلَيْهِ مُكَلَّفًا، فَإنْ كَانَ سَفِيهًا صَحَّ فِيما يُقْبَلُ إِقْرَارُ السَّفِيهِ فِيهِ، وإن لَمْ يُقْبَلْ إِقْرارُهُ صَحَّ لِأَجْلِ إِنْكَارِهِ حَتَّى يُسْمِعَ البَيِّنَةَ وَيُعْرَضَ اليَمِينُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ إِذْ يَنْقَطِعُ الخُصُومَةُ بِحَلِفِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: من شَرْطِ صِحَّةِ الدعوى أن يكون المُدَّعَى عَلَيْهِ مُكَلَّفًا، فلا يُدَّعَى على صَبِيٍّ ولا مجنون، ثم هاهنا مَسْأَلَتَانِ:

إحداهما: إذا ادَّعى القَتْلَ على المَحْجُورِ عليه بالسَّفَهِ، نظر إن كان هناك لَوْثٌ على ما ستعرفه، فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، سواء ادَّعَى قَتْلًا عَمْدًا أو خَطَأً، أو شِبْهَ عَمْدٍ، ويقسم المدعي، ويكون الحكم كما في غير السَّفِيهِ، وإذا كان اللَّوْثُ قول شَاهِدٍ واحِدٍ، فيحلف المُدَّعِي معه، ويثبت المَالُ بالشاهد واليمين، وإن لم يكن لَوْثٌ. فإن ادعى قَتْلًا يوجب القِصَاصَ تُسْمَعُ دَعْواهُ؛ لأن إِقْرارَهُ بما يوجب القِصَاصَ مَقْبولٌ، فإن أَقَرَّ أُمْضِيَ حكمه [عليه] (٣)، وإن [أنكر] (٤) حلف، فإن نَكَلَ حَلَفَ المُدَّعِي، وكان له أن يقتصَّ.

وإن ادَّعى خَطأً أو شِبْهَ عَمْدٍ، فهذا ينظر [فيه] (٥) إلى أن إِقْرَارَ المَحْجُورِ بالإتلاف هل يقبل ويُؤاخَذُ [بها]؟ وفيه وجهان مذكوران في كتاب الحَجْرِ.

وسواء قلنا: يُقْبَلُ أو لا يُقْبَلُ، فَيُسْمَعُ أَصْلُ الدعوى.


(١) في ز: فجاءه.
(٢) في أ: ناله.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>