للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا قبلنا إِقْرارَهُ، فليمض عليه الحُكْمُ وإن أَقَرَّ، ولتقام عليه البينة إن أنكر.

وأما إذا لم نَقْبَلهُ، وهو الصحيح، فلتُقَام عليه البَيِّنَةُ إن أنكر، ثم إذا أنكر، فهل تُعْرَضُ اليمين عليه؟ يبني ذلك على أن يكون المُدَّعَى عليه، ويمين المدعي كَبَيِّنَةٍ يقيمها المُدَّعِي، أو كإقرار المُدَّعى عليه، إن قلنا كالبَيِّنَةِ، فتعرض، فإنه قد ينكل، فيحلف المدعي، ويكون كما لو أقام البَيِّنَةَ.

ويحكى هذا عن أبي مَنْصُورِ بن مَهْرَانَ. وإن قلنا: كالإِقْرَارِ، ففيه وجهان:

أَوْفَقُهُما لكلام أكثرهم: أنها لا تعرض؛ لأن العَرْضَ للحمل على الصِّدْقِ بالإقرار، والإقرار غير مَقْبُولٍ على الصحيح.

وأصحهما عند صاحب الكتاب: العَرْضُ؛ لأنه قد يَحْلِفُ، فتنقطع الخُصُومَةُ في الحَالِ، هكذا، أَوْرَدَهُ الشيخ أبو حَامِدٍ وغيره، وعليه يَنْطَبِقُ إيراد صاحب الكتاب هاهنا، وفي "الوسيط"، إلا أنهم لم يذكروا أوْجُهَ عَرْضِ اليمين؛ تَفْرِيعًا على أن اليمين المَرْدُودَةُ كالإقرار. ومنهم من يُطْلِقُ الخِلاَفَ في سَمَاعِ الدعوى بالخَطَأِ، وشِبْهِ العَمْدِ من أصلها، ويَبْنِيهِ على الخلاف في أن إقراره بالإتْلاَفِ، هل يقبل؟ إن قلنا: نعم سمعت، وإلا فينبني على أن اليمين المردودة كالبينة أو كالإقرار، فليحمل هذا علي ما ذكره الأولون، فإنهم جميعًا مُتَّفِقُونَ على أنه لو أقام البَيِّنَةَ تسمع، وسَماعُ البينة مَسْبُوقٌ بِسَماَعِ الدعوى.

المسألة الثانية: تُسْمَعُ دَعْوَى القَتْلِ على المَحْجُورِ عليه بالفَلَسِ، ثم إن قامت بَيِّنَةٌ أو كان هناك لَوْثٌ، وأقسم المدعي، فهو كغيره، ويُزاحِمُ المُسْتَحِقُّ بالمال الغُرَمَاءَ، وَإِنِ لم تكن بَيِّنَةٌ، ولا لَوْثٌ، فيحلف المُفْلِسُ، فإن نَكَلَ حلف المدعي، واسْتَحَقَّ القِصَاصَ إن كان المُدَّعَى قَتْلًا يوجب القِصَاصَ.

قال القاضي الروياني: فإن عَفَا عن القِصَاصِ على مَالٍ، ثَبَتَ [المَالُ]، وهل يشارك به الغُرَمَاء؟ يُبْنَى على أن اليمين المَرْدُودَةَ بعد النُّكُولِ كالبينة فنعم، وإن قلْنا كالإقْرَار، فقَوْلان، كما لو أقرَّ المُفْلِس بعَيْن (١) في يَدِه أو بدَيْنٍ نسبه إلى ما قبل الحَجْر، وإن كان المدَّعَى قتل خطَأً أو شبْهَ عمْد، ثبت باليمين المردودة الدية، وتكون على العاقلة، إنْ جعلْناها كالبينة، وإن جعلْناها كالإقرار، فتكون على الجاني، وهل يزاحِمُ المدَّعِي بها الغرماء؟ فيه القولان، ومنْهم مِنْ يُطْلِق وجهَيْن من غير بناء على الأصْل المذكور وُيوجه الوجوب [على العاقلة بأنَّها تثبت بيمين المدَّعِي، فأشبه مَا لَوْ ثبت بالقَسَامة والوجوب في مالِهِ] (٢)؛ بأنَّ اليمينَ بالمردودةِ نُقِلَتْ إلى المدَّعَى، بنكول المفْلِسْ فأشبه مَا لَوْ أَقَرَّ.


(١) في ز: يعني.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>