للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثةُ: كونُهُ في محلِّ اللَّوْث؛ فإن لم يكن لَوْث، لم تبدأ بيمين المُدَّعي، واللوثْ قرينة حال تبين الظن، وتوقع في القلب صدْق المُدَّعِي، وله طرق:

منْها: أن يوجد قتيل في قبيلة أو حصْنٍ أو قريةٍ صغيرةٍ أو محلَّةٍ منفصلةٍ عن البلد الكبير، وبيْن القتيل وبيْن أهلها عداوةٌ ظاهرةٌ، فهو لوثٌ في حقِّهم، حتى إذا ادَّعَى الوليُّ القتل عليهم أو على بعْضِهم كان له أن يُقْسِم وكذا (١) كان الحال في قصَّة عبد الله ابن سهْل -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فإنَّ أهل خيبر كانُوا أعداءً للأنْصار -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- ويشترط ألاَّ يساكِنَهُمْ غيرهم؛ ليكون لَوْثًا في حقِّهم، وإلا، فربما قتلَهُ غيرهم، وإن كان القتيلُ عدوًّا لهم، ومنهم مَنْ يقول: الشرط أن لا يخالطهم غيرهم، حتى لو كانَتِ القريةُ على قارعة الطريق، وكان يطرُقُها غيرهم، فلا لَوْث، وعلى الأول، لا بأس بمخالطة المجتازِينَ للحاجَاتِ؛ كالتجارة وغيرها، وهو الأوجه (٢) فإن خيبر، كانَتْ يطْرُقُها الأنصار.

ومنْها: تفرُّق جماعةٍ عن قتيل في دَارٍ كان قد دخَل عليهم حنيفًا أو دخَلَها معهم في حاجة أو في مسْجِدٍ أو [في] (٣) بستان أو طريقٍ أو في (٤) الصحراء، فهو لَوْث، وكذا لو ازدحم قوْمٌ على رَأْس بئر للاستقاء أو على باب الكَعْبة أو في الطواف أو في مَضِيق، ثم تفرَّقوا عن قتيل؛ لأنَّه يغلب على الظن أنَّهم قتلوه أو بعْضُهم قتَلَه قصْدًا أو دوسًا بالأقدام؛ ولا يُشْتَرِط في هذا الطريق أن يكون بيْنَه وبيْنَهم عداوة.

ومنْها: إذا تقابل صفان يتقاتلان، وانكشفوا عن قتيل مِنْ أحد الصفَّيْن، فإن التحموا، واختلطَ بعْضُهم ببعض أو كان يَصِلُ سلاح أحد الصَّنْفَيْن إلى الآخَر، إما رمِّيًّا أو طعْنًا أو ضرْبًا، فهو لوْثٌ في حق أهل الصفِّ الآخر؛ لأن الظاهر أن أهل صفِّه لا يقتلونه، وإن لم يلتَحِموا، ولا كان يَصِلُ السلاح، فاللوث في حق [أهل] (٥) صفه.

ومنها: إذا وجد قتيلٌ في الصحراء، وعنده رجُلٌ معه سلاحٌ متلطِّخ بالدم أو على ثَوْبِه أثر الدم، فهو لوث، وإن كان بقربه سبُعٌ أو رجُلٌ آخر مُولٍ ظَهْرَه أو وُجِد أثر قدَمٍ أو ترشيش دم في غير الجهة التي فيها صاحبُ السلاح، لم يوجِبْ ذلك اللَّوْثَ في حقِّه، ولو رأينا [شيئًا] من بعيد (٦) رجلاً يُحرِّك يده، كما يفعل مَنْ يضرب بالسيف أو السِّكِّين، ثم وجدْنا في الموضع قتيلاً، فهو لوث في حقِّ ذلك الرجل.


(١) في ز: وهكذا.
(٢) في ز: الوجه.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: وفي.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: نجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>