لم يُقْسِموا، وأما المستولَدة، فهل لها الدعوى وطلب اليمين؟ فعن القاضي أبي الطيِّب، وغيره: بناءً ذلك على أنها هل تُقْسِم؟ إن قلنا نعم، فنعم، وإن قلنا: لا، فليس لها طلب اليمين؛ لأن اليمين إنما يطلبها من تُرَدُّ عليه، لو نكل المدعَى عليه ولا يمكن الردُّ عليها إذا قلْنا: إنها لا تُقْسِم، والظاهر المنصوصُ أن لها دَعْوَى القيمة وطلب اليمين، وإن قلنا: إنها لا تُقْسِم؛ لأن القسامة لإثباتِ القَتْل، فتختصُّ بمن يحلف القتيل، وأما القيمةُ، فهي صاحبة المِلْك الناجز فيها ظاهرًا، ولا تحتاجُ في طلَبِها إلى بيان جهة الاستحقاق، فلها أن تدَّعيها، وتحلف، وإذا نكَل الخَصْم، فترد اليمين عليها.
قال الإِمام: وعلى هذا، فلا يتوقف طلبها [ودعواها] على إعراض الورثة عن الطلب، ومَنْ يبني حقَّ طلبها على أنها، هل تُقْسِم، يلزمه أن يقول: إنما يدَّعَي هي إذا أعرضوا عن الدعوى والطلب، كما أنها تُقْسِم، إذا نكل الورثة.
وقوله في الكتاب:"فللورثة أن يُقْسِمُوا" يجوز أن يقال: أشار بقوله "فللورثة" ولم يقل "فعليهم أن يقسموا" إلى ما ذكره الإِمام أن الورثة، وإن كان لهم القسامةُ، فإنها لا تختم عليهم، وإن كانوا على عِلْم وبصيرة، فالأيمان لا تجب، قطُّ.
وقوله "فإن لم يُقْسِمُوا، فلهم يمين المدَّعَى عليه" أي إن لم يقسم الورثة، فللغرماء التحليف، ويجوزُ أن يحمل قوله:"فلهم على الغرماء والورثة والمستولدة جميعاً"[والله أعلم].
إحداهما: إذا قُطِعَت يد العبد، فعَتَق، ثم مات بالسراية، فقد سبق أن الواجب فيه الديةُ، وذكَرْنا قولين في أن المستَحِقَّ للسيد أقلُّ الأمرين من نصف قيمة العبد وكمال الدية، أو أقلُّ الأمرين منْ كمال القيمة وكمال الدية؟ فإذا وقعتِ الجناية، والصورةُ هذه، في محل اللوث، وكان الواجبُ قدْرَ ما يأخذه السيِّد ولا يفضل شيْء للورثة، فهل يقسم؟ ترتَّب ذلك على أن السيِّد، هلْ يقسم، لو مات العبد رقيقاً؟ إن قلنا: نعم، فههنا أولَى، وإن قلنا: لا، يقسم هناك، فههنا وجهان: