للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهما: أنه يقسم أيضًا؛ لأن القتيل حرٌّ، والواجب فيه دية.

والثاني: لا يقسم؛ لأن السيد (١) إنما يستحق بجهة الرِّقِّ، ونحن نفرِّع على أن بدل الرقيق لا قسامة فيه، وقد ينسب هذا الوجْه إلى أبي إسحاق، ويعلّل بأن السيد، لو أقسم، لكانَ قَدْ أقسم على أرش الطَّرْف [وهذا مشكل، فإنه يقتضي إلاَّ يقسم، وإن قلنا: القَسَامةُ لها مدخل في العبْد، ولم ينقل]، وان كان يفضل عن الواجب شيءٌ للورثة، فالورثة يُقْسِمون لا محالة، وفي قسامة السيد الخلافُ، إن قلْنا: لا يقسم، فالورثة يقسمون خمسين يميناً، وإن قلْنا: يقسم، فالسيد مع الوارث كالوارثَيْنِ، فيعود القولان في أن كلَّ واحد منهما يحلف خمسين، أو توزَّع الأيمان عليهما بحَسَب ما يأخذان.

وقوله في الكتاب: "وكانت الديةُ مثلَ أرْشِ اليد" هذا القيد لا حاجة [إليه] (٢) في أن السيِّد، هل يقسم على ما تبيَّن، ولكنه أراد التصوير في صورة انفرادِ السيِّد بالقسامة، والتنبيه على أن الواجبَ في هذا القتيلِ الدية، وعلى أظهر القولَيْن، وهو [أن] (٣) المستحَقَّ للسيد الأقلُّ من نصف القيمة وتمام الدية، وإذا كانتِ الديةُ مثلَ أرش اليد أو أقلَّ، انفرد السيد بالاستحقاق.

والثانية: إذا ارتدَّ وليُّ القتيل بعْد ما أقسم، فالدية ثابتة، وسبيلُها سبيلُ سائر أمواله التي ارتد عليها، وان ارتدَّ قبل أن يقْسِم، [قال] الأئمة: الأولَى ألاّ يَعْرِضَ الحاكمُ عليه القسامة؛ لأنه لا يتورَّع عن الأيمان الفاجرة، فإذا عاد إلى الإسلام أقْسَم، وإن أقسم في مَحَالِّ الردة، فعن المزنيِّ: أنه لا تصح قسامته، ولا يثبتُ بها شيْء.

وفي "جمع الجوامع" للقاضي الرويانيِّ: أن القاضي أبا حامد روَى قولاً مخرجاً؛ أنه لا يُستَحَقُّ بالقسامة في الردة شيءٌ، ونقله ناقلون منصوصاً منسوبًا إلى رواية الربيع، وهذا راجع أيضًا إلى أنه لا تصح القسامة في الردة، والظاهر المشهور أن لها صحة واعتباراً، أو وجِّه بأن يمين الكافر صحيحة، والقسامةُ التي يَسْتَحِقُّ بها المالَ نوعُ اكتساب، فلا تبطلُ بالردَّة كالاختطاب وسائر الاكتسابات، وهل هي صحيحةٌ على الإطلاق أو القولُ بصحتها مخصوصٌ ببعض الأقوال في ملْك المرتد؟ فيه طريقان:

أحدهما: أن ذلك مبنيٌّ على الأقوال في ملْك المرتد، إن قلنا: يبقى ملكه، وإنما يزول إذا مات أو قتل مرتداً، فتصح قسامته، وتثبت الدية، وإذا [مات] (٤) فهي كسائر أمواله، وإن قلْنا: يزول ملْك المرتدِّ بالردة، وإذا أسلم [حصل] (٥) ملْك مجدد، فلا


(١) في ز: العبد.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في أ: يحصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>