للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي (١) حنيفة: لا تقتل المرأةُ بالردَّة، ولكن تحْبَسُ، وتُضْرَب إلى أن تَمُوت، أو تُسلم وقدْ يُسْتَثْنى على مذْهبه الملكة والساحرة، والتي كَفَرتْ بسبِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


= حديث (٢١٥٨) وقال حديث حسن. وابن ماجة (٢/ ٨٤٧) في كتاب الحدود/ باب: لا يحل دم امرئ مسلم حديث (٢٥٣٣).
(١) اختلف في المرأة على ثلاثة مذاهب مذهبنا أنها تقتل كالرجل، وبه قال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر رضي الله عنه ومن التابعين الزهري والبصري ومن الفقهاء مالك والليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق. وذهب علي رضي الله عنه إلى أن المرأة إذا ارتدت استرقت. وبه قال قتادة، وذهب الإِمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها إن ارتدت بدار الإسلام حبست حتى ترجع، وإن كانت بدار الشرك، فإن سبيت استرقت وإن كانت أمة أجبرها سيدها على الإسلام. وقد استدل من نصر قوله بما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن قتل النساء والولدان. أخرجه البخاري (٦/ ١٧٢) في الجهاد حديث (٣٠١٤). وهذا لم يخص مرتدة من غيرها فهو على العموم. قالوا: ولما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن قتل المرتدة، وهذا نص.
قالوا: ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا تقتل المرتدة. أخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ٣٣٨) في الحدود من حديث عبد الله بن عيسى الجزري عن عفان عن شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس. وقال الدارقطني: وعبد الله هذا كذاب يضع الحديث على عفان وغيره. كذا في نصب الراية (٣/ ٤٥٦) وقالوا: ولأنها كافرة لا تقاتل فوجب أن لا تقتل قال السهيلي: ولم يصب من قاس المرتدة على نساء الحرب فإن المرتدة لا تسترق ولا تسبى كما تسبى نساء الحرب. قال القاضي أبو علي رحمه الله: هذا مقتضى بما رواه عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه". أخرجه البخاري (١٢/ ٢٦٧) حديث (٦٩٢٢).
ولفظ من وضع لجنس من يعقل فيدخل تحته رجال والنساء والعبيد يثبت أن كل من يعقل إذا بدل دينه قتل.
قالوا: هذه اللفظة إنما تناولت الذكور دون الإناث بدليل قوله: فاقتلوه لا يصلح للإناث فعلم أن المراد به الرجال. وقالوا: قد روينا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن قتل النساء والولدان كما تقدم ورويتم أنه من بدل دينه فاقتلوه فتعارضا. قال: قلنا هذا الخبر لا يعارض خبرنا وذلك أن خبركم لفظ عام خرج على سبب لأن المنقول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بامرأة حربية قتلت فقال: ما بال هذه قتلت ليست ممن يقاتل فنهى عن قتل النساء والولدان، ولأن اللفظ إذا ورد على سبب خاص كان التعليق باللفظ العام لا بسببه اللهم إلا أن يعارضه لفظ عام خرج ابتداء بالشرع لا على سبب فحينئذ يقتصر باللفظ العام الذي خرج على غير سبب على عمومه، وخبركم لفظ عام، وخبرنا لفظ عام خرج على سبب فالذي خرج على سب أجريناه على عمومه واقتصرنا بالذي خرج على سببه فيكون النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النساء والولدان من أهل الحرب.
والثاني خبركم عام وخبرنا خاص ناقص وهو بعض ما يتناوله خبركم والخبر الخاص يقضي على الحاكم بدليل ما روي أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن تستتاب فإن تابت وإلاّ قتلت. أخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ٣٣٨) في الحدود. =

<<  <  ج: ص:  >  >>