للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصحُّ على ما أورد في "التهذيب": أنه محكوم له (١) بالإِسلام، وبه قال صاحب "التلخيص" وإذا قلْنا به، فلا يُسترقُّ بحال، ولو مات في الصِّغَر، جرى التوارث بينَه وبين أقاربه المسلمين، ويجوز إعتاقه عن الكفَّارة، إن كان رقيقاً، وإذا بلغ وأعرب بالكفر كان مرتدّاً، وإن قلنا: إنه كافر أصليٌّ فيجوز استرقاقُه، قال الإِمام: ويجوز عقد الجزية معه، إذا بلغ، وهو كالكفار الأصليّين في كل معنى، والذي أورده صاحب "التهذيب" وغيره، وحكاه القاضي الرويانيُّ عن "المجموع" أنه لا يجوز عقد الجزية معه؛ لأنه ليس له حرمةُ الكتاب، وإن قلنا: إنه مرتدٌ، فلا يسترق بحالِ، ولا يُقْتل حتى يبلغ، فيستتاب، فإن أصرَّ، فحيئذ يقتل، وعن أبي حنيفة: أنه إنْ لحق بدار الحرب، جاز أن يسترق، وإلا، فلا، وروى صاحب "الشامل" عنه: أنه إن وُلِدَ في دار الحرب، جاز استرقاقه، وإلا، لم يجز، وأولاد أولادِ المرتدين (٢) حكمُهم حكمُ أولاد المرتدين، وعن أبي حنيفة، أن البطْن الأول مرتدُّون، والباقون كفار أصليُّون.

والمرتد نفسه لا يُسترقُّ بحال يستوي فيه الرجلُ والمرأة.

وعند أبي حنيفة، المرتدة إذا لَحِقَت بدار الحرب، جاز استرقاقها واحتج بان [أم] (٣) محمد ابن الحنفية -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كانت مرتدة، فاسترقها علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- واستولَدَهَا، وقاس الأصحابُ المرأةَ علَى الرجل، وَرَوَوْا أن الحنفية كانت أمَةً لبعضهم، فلما قُتِلَ على الرَّدة، كانت من الفيْء.


(١) قال النووي في زوائده: كذا صححه البغوي، فتابعه الرافعي، والصحيح أنه كافر، وبه قطع جميع العراقيين، نقل القاضي أبو الطيب في كتابه "المجرد" أنه لا خلاف فيه في المذهب، وإنما الخلاف في أنه كافر أصلي أم مرتد، والأظهر: مرتد. والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني: محل الخلاف في هذه التي ذكرها من زيادته عن البغوي ما إذا لم يكن هناك أصل مسلم غير الأبوين المذكورين فإن كان هناك أصل مسلم كجد أو جدة فإنه يكون مسلماً بناء على ما صحح في كتاب اللقيط ولا يأتي هنا تصحيح أنه مرتد ولا كافر أصلي، أما كونه لا يكون كافراً أصلياً تفريعاً على الأصح فواضح لأنه لو كان بين كافرين أصليين. وهناك أصل مسلم غير الأبوين فإنه يتبعه على الأصح وكذلك فيما إذا كانا مرتدين بل أولى.
وأما كونه لا يأتي هنا إلا أن يكون مرتداً لأنه تابع في الإسلام لأصل مسلم غير أبوله فامتنع أن يكون مرتداً. انتهى.
وقول الشيخ النووي قطع به جميع العراقيين. قال الأذرعي: في الترجيح والنسبة وقفه فإن صاحب المعتمد في إتقان المذهب المجرد عن الشَّافعي من رؤوس العراقيين نقل في باب الغرة أن في هذا الجنين غرة، وعن القديم أنه لا شيء فيه، وهذا يشير إلى أن المذهب في الجديد أنه مسلم، وبه جزم الصيمري في شرح الكفاية إلى آخر ما ذكره.
(٢) في ز: المهدين.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>