للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانبة: الذميُّ أو المستأمَنُ، إذا نقض العَهْدَ، ولحق (١) بدار الحرب، وترك ولده عندنا، فلا يجوز استرقاقه: لأن الآباء إذا عاهدوا، ثبَت العهْد في حق الأولاد، ثم لا ينتقض عهدهم بعد الآبَاء، فهذا بلغ الولَدُ، فإن قبل الجزية، فذاك، وإلا، لم يُجْبر عليه ويلحق بالمأمن، هذا ظاهر المذْهب، وحكَى القاضي ابن كج وجهاً: أنه يُسترق ولدُه بلُحُوقه بدار الحرب، ووجهاً آخر، أنه إذا هلك هناك أو استرق، يُسْترق ولده.

وعند أبي حنيفة: يُجْبَر على قبول الجْزية، إذا بلغ.

وقوله في الكتاب "ثلاثة أقوال" يجوز أن يُعْلَم بالواو؛ لأن منهم مَنْ نفى القول الأول، ومنْهم من نفى الثالث، والفريقان متَّفقان على أنَّه ليس في المسألة الأقوال الثلاثة، ويجوز أن يُعْلَم القول الأول والثاني بالحاء؛ لما حكينا عن أبي حنيفة في البطْن الأول.

قال الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا مِلْكُ المُرْتَدّ) فَيَزُولُ عَلَى قَوْلٍ، وَيَبْقَى عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى قَوْلٍ، فَإِنْ قُلْنَا: يَزُولُ فَيُقْضى دُيُونُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الرِّدَّة، وَمَا يَلْزَمُهُ بِالإِتْلاَفِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ هَلْ يُقْضَى مِنْهُ؟ فيه وَجْهَانِ، وَكَذَا نَفَقَةُ القَريبِ فِي دَوَامِ الرِّدَّةِ وَمَا يَكْتَسِبُهُ فِي حَالِ الرِّدَّة بِالاحْتِطَابِ أَوْ الشِّراءِ أَوْ الاتِّهَابِ فَجِهَةُ الْفَيْءِ فِي حَقِّهِ كَالسَّيِّدِ فِي حَقِّ العَبْدِ فِي وُقوعِ المُلْكِ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لاَ يَزُولُ مِلْكُهُ فَلاَ بُدَّ مِنَ الحَجْرِ، وَهَلْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، أَوْ بِضَرْبِ القَاضِي؟ وَجْهَانِ، ثُمَّ حُكْمُة حُكْمُ الفَلَس أَو التَّبْذيرِ وَجْهَانِ، وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الوَقْفِ فَكُلُّ تَصَرُّف لاَ يَقْبَلُ الوَقْفَ فَهُوَ بَاطِلٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هل يزول مِلْك المُرْتَدِّ عن أمواله بالردَّة؟ فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: نَعَمْ؛ لأن عصْمة الدمِ والمالِ بالإسلام، وإذا ارتدَّ، زالَتْ عصمة الدم، فكذلك عصمة المَالِ، وأيضاً [فإنه] أحد الملْكَيْن، فتؤثِّر الردة في قطعه كالنكاح.

والثاني، وهو اختيار المزنِّي: أنه لا يزول؛ لأن الردَّة سبب يبيح الدمَ، فلا يزول (٢) المِلْك كزنا المُحْصَن.

وأصحُّها، على ما ذكر صاحب التهذيب: أنا نتوقَّف، فإن هلك على الردة، بأن زوالُ ملكه بالرَّدة، وإن عاد إلى الإسلام، بان أنه لم يَزَلْ، ووُجِّه بأن بطلان أعماله، يَتَوقفُ على هلاكه على الرَّدة، فكذلك زوال مِلْكه، وبأنه نوع ملْكٍ، فيصير موقوفاً بالردة، كالنكاح بعد الدخول، ومدة العمْر هاهنا كمدة العِدَّة في النكاح بعْد الدخول، هذا هو الطريق المشهور، ووراءَه طريقان:


(١) في ز: التحق.
(٢) في ز: يريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>