للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِيَ عن جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجَمَ ماعِزاً، وَلَمْ يَجْلِدْهُ، وَرَجَم الغَامِدِيَّة، وَلَمْ يرد أَنَّه جَلَدَها (١). قال الأصحاب: وحديثُ عبادة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في الجِلْد منسوخٌ بفعْل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما نقل عن عليٍّ، فعنْ عمر -رَضِيَ اللهُ [عَنْهُمَا]- خلافه، وأما غير المحْصَن، فالصبيُّ والمجنونُ لا حدَّ عليهما، ويؤْدان بما يزجُرُهما، وإن كان عاقلاً بالغاً، نُظِر؛ إن كان عبداً، فسيأتي إن شاء الله تعالى، وإن كان حرّاً، فحده جلد مائة وتغريبُ عام؛ لما مر من الأحاديث، [و] يستوِّي في ذلك الرجُل والمرأة، وعند أبي حنيفة: ليس التغريب من الحدِّ، وإنما هو تعزيرٌ يتعلَّق برأْي الإِمام واجتهادِهِ، وعند مالك: يُغَرَّب الرجلُ دون المرأة.

قال الغَزَالِيُّ: وَفِي الرَّابِطَةِ قُيُودٌ، الأَوَّلُ الإِحْصَان وَهُوَ التَّكْلِيفُ وَالحُرِيَّةُ وَالإِصَابَةُ في نِكَاح صَحِيحٍ أَمَّا بالشُّبْهَةِ وَفِي النِّكَاحِ الفَاسِدِ لاَ يُحْصَنُ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الإِصَابَةِ بَعْدَ الحُرِيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ عَلَى الأَظْهَرِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإِحْصَانُ في الوَاطِئَيْنِ بَلْ إِنْ كَانَ المُحْصَنُ أَحَدَهُمَا رُجِمَ وَجُلِدَ الآخَرُ، وَإِنْ كَانَ أحَدُهُمَا صَغِيراً رُجِمَ البَالِغُ عَلَى الأَظْهَرِ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي مَحَلِّ الشَّهْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالثَّيِّبُ إِذَا زَنَى بِبكْرٍ رُجِمَ وَجُلِدَتْ، وَانْتِفَاءُ الإِحْصَانُ يُسْقِطُ الرَّجْمَ، وَانْتِفَاءُ الحُرِيَّةِ يُسْقِطُ شَطْرَ الجَلْدِ وَشَطْرَ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ عَلَى قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ يُغَرَّبُ العَبْدُ سَنَةً، وَفِي قَوْلِ لاَ يُغَرَّبُ أَصْلاً نَظَراً لِلسَّيِّد.


= ولم يرد أنه جلدها، وحديث عبادة منسوخ بفعله هذا، وما نقل عن عليّ فعن عمر خلافه، انتهى فاما حديث عبادة فتقدم، وأما حديث الغامدية فتقدم قبله أيضاً، وأما حديث جابر منه وابن سمرة، وقد رواه أحمد والبيهقي عنه بلفظ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلداً، وأما قصة علي مع شراحة، فرواها أحمد والنسائي والحاكم من حديث الشعبي عن عليّ، وأصله في صحيح البخاري، ولم يسمها، وأما قوله: فعن عمر خلافه، يعني أن علياً فعل ذلك مجتهداً، وأن عمر تركه مجتهداً فتعارضا، ولم أره عن عمر صريحاً، وقد يجوز أن يكون عني به حديث عمر المتقدم، فإنه لم يذكر فيه إلا الرجم، وكذا ما أخرجه الطحاوي من رواية أبي واقد الليثي: أن عمر قال: فإن اعترفت فارجمها.
(١) قال ابن حجر في التلخيص: وأما حديث جابر منه وابن سمرة، وقد رواه أحمد والبيهقي عنه بلفظ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلداً، وأما قصة علي مع شراحة، فرواها أحمد والنسائي والحاكم من حديث الشعبي عن عليّ، وأصله في صحيح البخاري، ولم يسمها. وأما قوله: فحن عمر خلافه، يعني أن علياً فعل ذلك مجتهداً، وأن عمر تركه مجتهداً فتعارضا، ولم أره عن عمر صريحاً، وقد يجوز أن يكون عني به حديث عمر المتقدم، فإنه لم يذكر فيه إلا الرجم، وكذا ما أخرجه الطحاوي من رواية أبي واقد الليثي: أن عمر قال: فإن اعترفت فارجمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>