وأيضاً، فإنه إذا أصاب امرأته، فقَد أكد استفراشها، وحينئذ، فلو لطَّخ غيرُه فراشَهُ، عَظُمَتْ وحْشته وأذيته، فحقُّه أن يمتنع عن تلطيخ فراش الغَيْر، فإذا لم يمتنع، غُلِّظت الجناية، ويكفي في الإصابة تغيبُ الحَشَفَة، ولا يُشْتَرط أن يكون الشخْص ممن يُنْزِل، ولا يقدح وقوعها في حال الحيض والإحرام وعدة الوطء بالشبهة على ما ذكرنا في التحليل، ولا يَحْصُل الاحصان بالإصابة بِملك اليمين، كما لا يحصل التحليل، وأيضاً، فملكُ اليمين لا يُقْصَد به اكتسابُ الحلِّ، ولذلك يصحُّ شراء مَنْ لا تحل له، فلا تكون الإصابة [فيه كالإصابة](١) في النكاح، وفي الإصابة بالشُّبْهة وفي النكاح الفاسِدِ قولان:
أحدهما، ونسبه بعضُهم إلى القديم: أنها تُفِيد الإحصان؛ لأن الفاسد كالصحيح في العِدَّة والنسب، فكذلك في الإِحصان.
وأصحُّهما، وهو الذي أورده المعْظَم: المنع؛ لأنه لا أثر لهذه الإصابة في إكْمال طريق الحلال، والخلافُ كالخلافِ في أنَّه هل يحْصُل التحليلُ بالوطء في النكاح الفاسد.
ثم في الفصْل صور:
احداها: هل يُشْترط أن تكون الإصابة بالنكاحِ بعْد التكليف والحريِّة؟ فيه وجهان:
أظهرهما؛ عند الإِمام وصاحب الكتاب: لا حتى لو أصاب عبْدٌ في نكاحٍ صحيحٍ أو مجنونٌ أو صغيرٌ ثُمَّ كَمُلَ حالُه، فزنى، يلزمه الرجْم؛ لأنه وطء يحْصُل به التحليل، فكذلك الإحصان، وأيضاً، فإن النكاح لا يُشْترط وقوعه في حالة الكمال، فكذلك الإصابة فيه.
والثاني، وهو ظاهر النص والراجحُ عنْد معْظَم الأصحاب، ويُحْكَى عن أبي حنيفة، ومالك: أنه يُشْترط، حَتَّى لا يجب الرجْم على مَنْ أصاب في حال النقصان، ثم زنى بعْد كمال الحال، واحتج له بأنا شرطْنا الإصابة بأكْمَل الجهات، وهو النكاح الصحيحُ، فيشترط حصولها من شخْصٍ كامل، وعن حكاية الشيْخ أبي حامدٍ وجهٌ ثالثٌ، وهو أنه لو أصاب، وهو رقيقٌ، لم يحصُل الاحصان، ولو أصاب، وهو صغيرٌ، حصل، والفَرْق أن الرقَّ يوجب نقصان النكاح بخلاف الصغير؛ ألا ترى أن الرقيق لا يَنْكَح أكثر من اثنتين، وللوليِّ أن يزوِّج من الصغير أربعاً، ووجه رابع، وهو أنه لو أصاب، وهو رقيق، يحصل الإحصان، ولو أصاب، وهو صغيرٌ، لا يحصل، والفرق