للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: الرقيقُ يُجْلد خمسين، على ما قال تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] والقِنُّ وغيره سواءٌ، وفيمن نصْفُه حرٌّ، ونصفه رقيقٌ، وجهان على خلاف ظاهر المذْهَب.

أحدهما: أنه إذا زنا، حُدَّ ثلاثة أرباع حدِّ الأحرار؛ لأنه يحتمل التقْسيط، وألزم على هذا أن ينكح ثلاثاً.

والثاني: أنه يُفْرَق بين أن لا يكون بينه وبين السيد مهايأة، فيُحَدَّ حَدَّ الأرقاء، أو يكون، فإن زنا في نوبة السيد، فكذلك، وإن زنا في نوبة نفْسِه، فعليه حدُّ [الأحرار] (١) أورد الوجهين صاحب "التتمة".

وهل يُغَرَّب العبد؟ فيه قولان:

أصحهما، وهو القديم وأحد قولي الجديد: أنه يُغرَّبِ؛ لظاهر قوله تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وروي أن أَمَةَ لاِبْنِ عمرَ رَضِيَ الله عنهما زَنَتْ، فَجَلَدَهَا، وغَرَّبَهَا إلَى فَدَكَ (٢).

والثاني، وبه قال مالك وأحمد: لا يُغرَّب، واختاره القاضي أبو حامد؛ لأنَّ التغريب للتشديد والإيحاش، والعبْدُ جليبٌ، اعتاد الانتقال من يد إلى يد، ومن بلد إلى بلد؛ ولأن فيه إضرارًا بالسيد وتفويتاً لمنفعته عَلَيْه، ومَنْ قال بالأصح؛ قال: العبد أيضاً إذا أَلِفَ الموضعَ شق عليه الانتقال، وضرر السيد لا يبالَى به في عقوبات الجرائم؛ ألا ترى أنه يُقْتَل (٣) إذا ارتدَّ، ويُحدُّ إذا قَذَفَ، وإن تضرَّر السيد، ثم يمكنه إجارته واستعماله هناك، وإذا قلْنا بالأصح، ففي مدة تغريبه قولان:

أحدهما: سَنَةٌ؛ لأن ما يتعلَّق بالمدة والطَّبْع يستوي فيه الحرُّ والعبدُ، كمدة العُنَّة والإيلاء، ويُروَى هذا وجهاً مخرَّجاً عن أبي هريرة.

وأصحُّهما: نصف سنة؛ لظاهر الآية، وعن أبي إسحاق القطْعُ بالنصْف، وعند الاختصار يُخرَّج ثلاثة أقوال كما في الكتاب.

وقوله في الكتاب "ولا يشترط وقوع الإصابة بعد الحرية والتكليف على الأظهر". بيَّنَّا أن الظاهر عند المعْظَم خلافُ ما رجَّحه.

وقوله: "ولا يشترط الإحصان في الواطئَيْن ... " إلى آخره أراد به ما إذا كان


(١) في ز: الأرقاء.
(٢) رواه ابن المنذر في الأوسط عن ابن عمر: أن حد مملوكة له في الزنا، ونفاها إلى فدك.
(٣) في ز: يقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>