مهْر؛ لأن منفعة بُضْعِ الرَّجُل لا تتقوَّم، وإن كان مكلَّفا طائعاً، فإن قلْنا: إن الفاعل يُقْتل، فَيُقْتل المفعول بما يُقْتَل به الفاعل، وإن قلنا: إن حدَّه حد الزنا، فيُجْلَد المفعول ويغرَّب محصناً كان أو لم يكن. وإن أتى امرأةً في دبرها، ففيه طريقان:
أظهرهما: أنه لواطٌ؛ لأنه إتيانٌ في غير المأتى، فيجيء في الفاعل الأقوالُ، وتكون عقوبة المرأةِ الجَلْدَ والتغريبَ على قوْلنا: إن حدَّه حد الزنا، وهذا ما أورده في الكتاب، ورجحه في "التهذيب" وبه قال الشيخ أبو حامد.
والثاني: أنه زناً؛ لأنه وطء صادف أنثى، فأشبه وطئها في القُبُل؛ فعلى هذا [حَدُّه] حَدُّ الزنا، بلا خلاف، وتُرْجَم المرأةُ، إن كانت محصنةً، وهذا ما اختاره القاضي ابن كج وأورده صاحب "المهذب" هذا كلُّه [فيما] إذا لم يكن [هناك] مِلْكُ يمين ولا نكاحٌ.
وأما إذا لاطَ بعبده، ففيه طريقان:
أحدهما: أن في وجوب الحَدِّ قولَيْن؛ لقيام المِلْك كما لو وطئ أخته المملوكة.
وأصحُّهما: أنه كالأجنبيِّ، ويخالف وطء الأخت المملوكة، فإن المِلْك يبيح الإتيان في القُبُل في الجملة، فهذا لم يبح، انتهض شبهة، ولا يبيح هذا النوعُ بحال، ولو أتى امرأته أو جاريتَهُ في دبرها، فطريقان:
أحدهما: أنه على الخلاف في وطء الأخت المملوكة.
وأصحهما: القطْع بالمنع؛ لأنها مملوكة ومحلُّ استمتاعه [والله أعلم].
وأما لفظ الكتاب فقوله "وهو يوجب قتل الفاعل والمفعول" أراد به القتل بالسيف، ويجوز أن يُعْلَم ما سوى قول التعزير بالحاء؛ وما سوى قول الرجْم بالميم والألف، وأن يعلم قوله "على قول" من قوله "والتعزير على قول" لما ذكرنا أن بعضهم نفاه، ويخرَّج بالقيْدِ المذكور المفاخَذَة، ومقدِّمات الوطء، فلا يجب الحدُّ بشيء من ذلك، وإذا وجدْنا بالمرأة الخليَّةِ حبلاً، وأنكرت الزنا، لم تُحدَّ خلافاً لمالك، وإذا وجْدنا امرأة ورجلاً أجنبيين تحتْ لحاف، ولم يعرف غير ذلك، لم نَحُدَّهما، وكذلك إذا أتت المرأة المرأةَ؛ لأنه لا إيلاج، والواجبُ في هذه الصورة التعزير.
قال الغَزَالِيُّ: وَقَوْلُنَا: تُشْتَهَى طَبْعاً يُبَيِّنُ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ بالإيلاَج في المَيْتَةِ، وَفِي البَهِيمَةِ قَوْلاَنِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّ فِيهِ التَّعْزِير، وَفِي قَوْلٍ نُقْتَلُ البَهِيمَةُ أَيْضاً، ثُمَّ فِي وُجُوبِ قِيمَتهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَة وَفِي حِلِّهَا إنْ كَانَتْ مَأْكُولَة خِلاَفٌ، وَإِنْ أَوْجَبْنَا الحَدَّ فَلاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِأرْبَعَةِ عُدُولٍ، وَإِنْ أَوْجَبْنَا التَّعْزِيرَ فَيَكْفِي عَدْلاَنِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: القيد الثالث: أن يكون الإيلاجُ يشتهى طبعاً، وقصد به التحرُّز عن صورتين: